موقع الشيخ طلاي

Menu

ندوة تطور العلوم الفقهية بعمان -الحلقة الثانية-

جلسة يوم  29/04/2010م الموافق ليوم 14 جمادى الأولى 1431هـ

إخواني السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في هذه الأمسية سيكون حديثنا حول موضوع “ندوة تطوّر العلوم الفقهية في عُمان” التي حدّثكم عنها في الحصّة الماضية.

واخترتُ الرجوع إليها لزيادة إيضاح وبيان للقضية، خاصّة أنّ حديثنا في تلكم الأمسية كان مقتضبا أو عامّا دون أخذ بعض العيّنات للموضوع.

هذا من جهة، ومن جهة ثانية أنّ هذا الموضوع، موضوع الفقه الحضاري وفقه العمران يظنّه كثير من الناس أنّه وليد انتشار الحضارة الغربية، وأنّها (أي الحضارة الغربية) هي وثقافة الغربيين والأنظمة الاجتماعية عندهم هي أصل وأساس هذه الحضارة.

والأمر على عكس ذلك، إنّما نحن نسينا تلك المبادئ التي جسّمتها الحضارة الإسلامية ودعا إليها دين الإسلام، أو تغافلنا عنها وبَهرنا ما عندهم، فظنّنا أنّهم هم الدعاة إليها، والمقنّنون لتلك المبادئ السلوكية.

تناولت الندوة في جانب فقه المجتمع المدني خمس جوانب نخصّها بالذكر. وتناولت في فقه البيئة والكائنات الحيّة ثلاثة جوانب نخصّها بالذكر كذلك.

من الجوانب الحيوية التي تناولتها ندوة تطوّر العلوم الفقهية في عُمان الجانب الحضاري والجانب العمراني.

أ) فقه المجتمع المدني، من ذلك:

1- كفالة حقّ المسافر، وابن السبيل، وحقّ الجار وكفّ الأذى عنه وتفقّد حاجاته ومشاركته في الأفراح والأتراح.

2- رعاية اليتيم وكفالته، والحرص على تحرّي الأصلح له، وحفظ ماله إلى أن يستأنس رشده. قال عليه السلام: «أنا وكافل اليتيم في الجنّة كهاتين» أشار بأصبعيه السبّابة والوسطى.

3- العناية بكبار السنّ والمعوّقين والمرضى والأبوين بالخصوص.

4- العناية بتربية الأطفال وتنشئتهم روحيا وعلميا ونفسيا. قال الرسول عليه السلام: «تعليم الصغار يطفئ غضب الجبّار».

ب) فقه البيئة والكائنات الحيّة.

قال تعالى: )وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ(، وقال: )وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الاَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا(.

فالحرص على إصلاحها يقتضي وجوب العناية بها، فإنّ تدميرها وتلويثها يدخل في مفهوم تبديل نعمة الله )وَمَنْ يُّبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنم بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(.

وهذه بعض التطبيقات الفقهية التي تخصّ هذا الجانب:

1- نهى الإسلام عن قضاء الحاجة في الأماكن العامّة وتحت الأشجار، ففي الحديث: «اتّقوا اللاعنيْن»، قالوا: وما اللاعنان؟ قال: «الذي يتخلّى في طريق الناس أو في ظلّهم».

2- نهى الإسلام عن قتل الحيوان لغير مأكلة، ذلك لأنّ الحيوان جزء من منظومة المخلوقات، ما خُلقت إلاّ لأهداف سامية؛ الاصطياد في وقت التفريخ؛ إقامة رياضة الصيد عبثا ولهوا.

3- حثّ الإسلام على الزراعة والحفاظ على الأشجار؛ ففي الحديث «مَن قطع سدرة في فلاة يستظلّ بها ابن السبيل والبهائم عبثا بغير حقّ يكون له فيها، صوّب الله رأسه في النار.».

وقال عليه السلام: «ما من إنسان يزرع زرعا أو يغرس غرسا، فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلاّ كان له صدقة.».

ومن قبيل هذا ما عُرف عندنا من أنّ قطع النخلة بغير حقّ يوجب اللعنة وتوالي المصائب عليه تشاؤم من ذلك.

ومن ذلك ما جرى به العمل عندنا إذا كانت الأرض التي يملكها لها فضاء أمامها غير مستصلح، يجوز له استصلاحها، وهو ما يُشار إليه في العقود عند ذكر حدود تلك الأرض أنّ حدّها من ناحية القبلة -مثلا- «إلى الجبل».

وكذلك العرف عندنا أنّ الإنسان يستطيع أن يغرس النخل خاصّة في مجرى الوادي دون أن يملك تلك الأرض أو يحوّطها أو يغرس فيها الشجر، لأنّه يعوق جريان الماء ويغيّر مجراه.

وفي الحصّة المقبلة سنتحدّث -بحول الله- عن فقه الأسواق وفقه الطرقات وفقه المدينة والعمران في الواقع والمستقبل.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.