موقع الشيخ طلاي

Menu

الجراد نقمة أم نعمة

                            الجلسة السابعة والعشرون: 21 نوفمبر 2018م الموافق لـ: 13  ربيع (1) 1440هـ

السادة الأساتذة، إخواني، أبنائي، السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لقد قلتُ لكم إنّنا سنعود إلى الكتاب الذهبي الثاني عشر من إصدارات صديقنا تِرِشينْ صالح بن الحاج عمر المحترم.

وحديثي سيكون بشيء من التصرّف. أذكر لكم كيف كنّا نحارب الجراد قديما.

ولقد قال تعالى في سورة الأنعام: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الاَرْضِ وَلاَ طَآئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلآَّ أُمَمٌ اَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ). سبحانك يا عظيم الشأن!!

الجراد أمَّةٌ، نعم أُمَّة! ولكنّها مفسدة. وهذه الأمّة المفسدة يترصّدها أُمناء الغابات أين تُفرِّخُ؛ وغالبا يكون في الشعاب القبلية المقابلة للشمس عند الطلوع. أمّا الكبار منها التي تطير فتحطُّ في الشعاب أو الشعبة الغربية، حيث تُمسي أشعّة الشمس.

وكيفيّة محاربة ما تفرِّخ عندما يَفْقِسُ بيضُها بإذن الله تعالى، ويخرج ما يسمّى بـ: “الـمَرَّادْ”.

يُحفر خندق أمامها ويُسحب بقطع من جريد النخل إلى ذلك الخندق، فيصبُّ عليها بنزين فيحترق.

وهذا النوع منه “المرَّادْ” ليس صَعْـبًا، ومحاربته ليست مضنيَّة، إنّما يحتاج إلى المراقبة من طرف الفلاّحين؛ أمّا الكبار التي تطير فمحاربته مضنيّة بشتّى الأنواع التي تجعله لا يحطُّ على أشجار الغابة، وخاصّة النخيل التي فيها الغذاء، كما قال تعالى في سورة الرعد عن النخلة مشبّها لها بالكلمة الطيّبة: (كَشَجَرَةٍ طَيـِّبـَةٍ اَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ، تُوتِي أُكْـلَهَا كُلَّ حِينِم بِإِذْنِ رَبـِّهَا)

تكون هذه المحاربة بدقّ الطبول، وإحداث مختلف الأدخنة حتّى لا تحطّ في الغابة.

والعجيب في هذه الأمّة أنّ لها سلطان كبير الحجم يقودها، يوصي الفلاّحون بعدم حرقه أو طبخه حتّى لا تطول رحلته المزعجة والمفسدة في آن واحد.

وأعود بكم الآن إلى كتاب القابلة الذهبية في حادثة وقعت عندنا في ناحية “إنْغيدْ” أو “باحْمانْ كاسي”.

كان ذلك في ليلة عيد الأضحى؛ فدعا كبير العزّابة للخروج لمحاربته قبل صلاة العيد.

ولكن غالب المتساكنين عصوه؛ فخرج هو وابنُه المؤذّن وعبده: عمي عيسى وباعَمُّورْ عبده وابنه بايُّوبْ.

فكانت الكارثة حيث قُتل الثلاثة من طرف السرّاق، حيث لا سلاح معهم، وهم مدفونون في قبر واحد قبل مدخل مقام الشيخ بالحاج في رأس الجبل المقابل للغابة، رحمهم الله وجزاهم عنّا خيرا.

وعن هذه الحادثة الأليمة نشأت عادة لهذه العائلة، عائلة عمّي عيسى، أنّهم لا يستضيئون في ليلة العيد، ولا يوقدون نارا للطبخ وغيره حزنا وتذكيرا لهذه الفاجعة؛ وهذا لا يجوز شرعًا، حيث «لا حُزن بعد ثلاثة أيّام».

وقد حوربت هذه العادة من طرف العلماء منهم ومن غيرهم، فأُبطلت والحمد لله.

وفيما يلي بعض الأسئلة والانطباعات:

  • استطاع الإنسان المعاصر بما فتح الله عليه من الإمكانات التغلّب على هذه الظاهرة، ولله الحمد؟
  • كان الناس في القديم يأكلون الجراد، ولكن تعذّر الآن ذلك لاستخدام السموم في القضاء عليه.
  • هل تتذكّرون شيخنا بعض الفترات التي غزا فيه الجراد منطقة مزاب؟ ومتى كان آخرها؟
  • هل الجراد جُند من جنود الله؟ وهل هي آفة من أنواع العذاب الذي يسلّطه الله على من يشاء؟
  • يُقال إنّ بعد أسراب الجراد وإفساده للغلال يأتي بعدها عام رخاء وخير وفير، وكما قيل في المثل: «بقيّة السيف أنْمى».
  • لماذا تمرّد المواطنون ولم يستجيبوا لنداء كبير العزّابة، أم لأنّه يوم عيد؟

في كتاب “السيرة وأخبار الأئمّة” لأبي زكرياء -رحمه الله- قصّة طريفة، عن أسراب الجراد الذي رافق جيش أبي الخطّاب -رضي الله عنه- لـمّا خرج من طرابلس إلى مدينة القيروان ليطهّرها من ظلم ورفجومة، فكان الجند في مسيره يتغذّى منه.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.