موقع الشيخ طلاي

Menu

 

اللهم أني أعوذ بك من عضال الداء وشماتة الأعداء وخيبة الرجاء

خطبة الجمعة ألقاها الشيخ بالمسجد الكبير ببني يزقن غرداية يوم يوم ‏الجمعة‏، 13‏ محرم‏،1430

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأنَّ محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد ضل وغوى.

اللهم صل عليه وعلى آله وصحابته كلما ذكرك وذكره الذاكرون، وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون. أيها المسلمون هداكم الله وإيانا ووفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.

لقد روى عن رسوله صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يستعيذ بالله من الشرور ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن.

والشر شر مهما كان، ويكفيك من الشر اسمه، أما الفتن فهي التي تمحق الأمم والأفراد، تبدل النعمة نقمة، والراحة تعبا والسعادة شقاء.

وكان عليه السلام يخص من الشرور والفتن بعضا منها لما لها من أثر في النفوس وتصرفات من يبتلى بها. فقد روت كتب السنة أنه عليه السلام كثيرا ما يستعيذ بالله من ثلاث وكان يقول:

اللهم أني أعوذ بك من عضال الداء وشماتة الأعداء وخيبة الرجاء.

شرور ثلاث يستعيذ منها الرسول عليه السلام ذلك لأنها من أقبح الشرور وأذله.

عضال الداء أي الداء العياء الذي يعيي صاحبه فلا يفارقه وليس له علاج. والداء العضال عفاكم الله يكون في الأبدان فينهكها ويجعل صاحبه حيا كميت. ويكون في العقول والأخلاق أيضا، فيكون صاحبه حائرا بائرا لا يهتدي إلى رشد، ولا ينتفع بصاحب الرشد والهداية.

فأي داء يصيب العقول أعظم مما أصاب المسلمين في هذا القرن من الفرقة والأنانية والغرور والخور والعجز. إلى آخر الأوصاف الخبيثة التي تصيب أحيانا الأفراد والأمم.

وكان عليه السلام يستعيذ بالله من شماتة الأعداء. وجود أعداء للأشخاص أو الأمم شيء ضروري من مستلزمات الحياة وهذه سنة الله في الحياة فالدنيا دول مرة لك ومرة عليك. ولكن فرح الأعداء وشماتتهم أشد وأنكى تجعل تلك الأمة أو ذلك الفرد في أصعب المواقف لا يرفع رأسه ولا يجد من يأخذ بيده في عثرته.

وكان يستعيذ بالله من خيبة الرجاء. الرجاء والأمل مما يقوي الإنسان في الحياة ويجعله يتحمل الصعاب ويقاوم العقبات فإذا فقد الأمل وخاب رجاؤه وطمعه يتحطم ويخلد إلى الأرض كالطائر الذي ضرب في جناحه فلا يستطيع الإفلات والخلاص.

والغريب أن غالب المسلمين أو كلهم في هذه السنوات الأخيرة قد ابتلوا بهذه الشرور الثلاثة: عضال الداء، شماتة الأعداء، خيبة الرجاء. ترى ما السبب في ذلك؟

هناك أساب عدة ولكن أهمها هو إعراض المسلمين عن هداية ربهم ونوره الذي خصهم الله به.

إعراض المسلمين عن تعاليم الله وتوجيهاته فكان غالبهم أفرادا وأمما مسلمين باللسان والنطق بكلمة الشهادة. ضعفاء أو فقراء من العمل الصالح والتمسك والاهتداء بكتابه العزيز.

فيا أمة القرآن لن تستقيم لكم حياة حتى تقيموا القرآن، وإقامة القرآن لا يكون أبدا بالنطق بكلمة الشهادة أو تلاوة التسابيح والأذكار. اللهم أصلح لنا ديننا الذي فيه عاصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها حياتنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا.

جلــــــــسة

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين من أمثال اليهود وأشياعهم. أيها المؤمنون لقد اجتمع على المسلمين في فلسطين ثلاث مصائب:

مصيبة من أخذت أرضه وأخرج من داره، وتشرد في الأرض، وطال عليهم ذلك أكثر من نصف قرن.

وقد فعل اليهود ذلك بالفلسطينيين ولم يستمعوا لكلام الله ولا لعقلاء العالم من جميع الأمم. وقد قال الله عز وجل لبني إسرائيل يعيب عليهم فعلهم: «…وإن ياتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتومنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون» اللهم أخزهم فقد فعلوا ذلك بالمسلمين في فلسطين فأخزهم وشدد عليهم وطأتك.

المصيبة الثانية مصيبة التعصب الأعمى والغرور، فقد أقاموا دولتهم على أنهم شعب الله المختار فلهم كل شيء ولا حق لغيرهم في أي شيء، وقد عاب الله تعالى عليهم هذه الغرور منذ القديم: «وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق». والغريب في الأمر أن ميثاق الأمم يحرم إقامة دولة على التعصب الديني، واليهود أقاموا دولتهم على التعصب المقيت فتغاضت عنهم الأمم، وفي مقدمتها أمريكا التي فرضت سلطتها وآراءها على شعوب العالم. فسمحت لليهود بما لم تسمح به لبقية الشعوب.

والمصيبة الثالثة مصيبة قساوة القلوب وانقلاب موازين التعامل بين الناس في هذه الأرض عند اليهود. فسكت الضمير العالمي عن منظر الدبابات توجه نيرانها على الأطفال ورجال ليس لهم إلا حجارة يرمون بها أو ترابا يردون به الاعتداء.

وسكت الضمير العالمي عن منازل تدك على الأطفال والعجائز الشيوخ بواسطة الطائرات الحوامة، والصواريخ الموجهة. وليس لأولئك الأطفال والعجزة حول ولا قوة. ولم يكف دول العالم هذا السكوت حتى قال أكابر مجرميها بوش: لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم. أي حق هذا وأي دفاع.

إنها ثلاث مصائب اجتمعت في مجموعة من الأشرار ليس لهم ضمير ولا شرف ولا مروءة، ولا إنسانية. إنهم مجموعة أشرار تجسمت فيهم قساوة القلب والوقاحة وخسة الطبع.

وأغرب من هؤلاء: الذين يناصرونهم ويسكت عن باطلهم وظلمهم الذي تجاوز الحدود. وقفوا متفرجين كأن شيئا لم يقع. وصدق الشاعر القروي إذ يقول:

كيف ننساهم وننسى أنهم أخذوا النفط وأعطونا اليهود.

أيها المسلمون قضية فلسطين ليست قضية سياسية فيها الرأي والرأي المعاكس، ولا قضية صراع بين الخير والشر.

فلا تبخلوا بما تملكون من قوة ومال وجاه وحيل ومكر ودهاء، وصبر وشجاعة. ولينصرن الله من ينصره إن الله قوي عزيز اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء يكون سلط عليهم جندا من جنود. آمين

Categories:   المقالات و دروس الوعظ

Comments

Sorry, comments are closed for this item.