موقع الشيخ طلاي

Menu

مجلة حراء – الحلقة الأولى

الجلسة الثالثة: 18/01/2012م الموافق ليوم 24 صفر 1433هـ

 

أيّها الإخوة الحضور، أيّها السادة المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إطلالتنا هذه الليلة ستكون من مقال نُشر في مجلّة “حـراء” التركية، مجلّة علمية ثقافية، العدد 27، السنة السابعة، نوفمبر – ديسمبر 2011، للكاتب الدكتور أحمد عبد الحفيظ، بعنوان: بِنوركَ [يا ربّ] أسْعى في الظلمات.

الذي حدا بي إلى اختيار هذا الموضوع ثلاث جوانب:

أوّلا أنّه مقال أدبي رومانسي معبّر عن العواطف والأحاسيس النبيلة، والعاطفة الجيّاشة مِن ولد صغير يوجّه إلى أمّه وهو صغير في أحشائها أحاسيسه وعواطفه نحو أمّه.

ثانيا أنّه مقال يبيّن بطريقة علمية قدرة الله تعالى وجميل ألطافه بمثل هذا الحمل الصغير، ورعاية الخالق جلّ وعلا إلى أن يخرج إلى الدنيا بشرًا سويًّا.

ثالثا أنّه مقال علميّ يعطينا حقائق علمية عن تطوّر الجنين، ولطف الله به؛ وصدق الله العظيم ]إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ اِنَّهُ, هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ[.

نأخذ من المقال ما يلي ص38-39:

«أمّاه هل تسمعين طرقاتي الخافتة على باب قلبك؟ أتسمعين دقّات قلبي الصغير؟ أنا بعدُ صغير لم يتجاوز طولي السنتيمتر الواحد، لكن لي قلبًا دقيقا ينبض من تدفّق دمك الغالي إليه. الطبيب يراني داخلك وينفذ بجهاز موجاته الصوتية إلى داخل غرفتي الخاصّة في بيتي الدافئ الأمين عليَّ. إنّه يرى قلبي –وأنا في أسبوعي الخامس- ويشير إليك لتشاركيه النظر إليه وهو ينبض في سرعة وانتظام، لكن أَعلمُ أنّكِ أحسستِ بي قبل أن تراني عيناكِ على شاشة هذا الجهاز، لأنّ ربّي أوْدع في أمومتك المخلوقة بلطفه جزءًا من سرّه، فكما أحبّ خلْقه قبل أن يبرأ نسماتهم أودع في قلبكِ الحبَّ لي وأنا بذرة في داخلك لم ترني عيناكِ بعدُ ]إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ اِنَّهُ, هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ[.

دقّات قلب الجنين

قلبي صغير جدّا، لكنّه قويّ منتظم، بل إنّه يفوق في سرعته وعدد ضرباته قلوب البالغين. نعم إنّ قلبي يدقّ بمعدّل أكثر من 140 دقّة في الدقيقة في المتوسّط، بينما قلوب الكبار تنبض في معتاد أحوالهم بنصف هذا المعدّل فقط، وهذا المعدّل السريع يمكّنني من الإفادة من كلّ قطرة دمٍ وذرّة غذاء تُبعثُ إليّ في دمائك يا أمّاه، لأنّ كلّ تنفّسي ودورة دمي وغذائي تأتيني جميعها من هذا السبيل.

أعلمُ يا أمّاه أنّكِ لا تريْن فيَّ ما يراه البعضُ أنانية وأثَرَة، إذ إنّ جهاز نقل الأوكسجين الخاصّ بي (الهيموجلوبين الجنيني) شديد الإمساك بالأوكسجين والاجتذاب له، على حين أنّ حامل الأوكسجين لديك (الهيموجلوبين الأمّ) شديد السخاء به، فبقدر تلهّفي على هذا الأوكسجين وسحبي له يكون سخاء الهيموجلوبين الأمومي به وبذله لي…

حركة الجنين

بعد نبض قلبي بأيام قلائل يبدأ جسدي بحركاته الأولى، وها أنا ذا أحرّك جسدي كلّه وأضمّ وأبسط جذعي، ثمّ أحرّك أطرافي في حركاتها الأولى في حركة إجمالية مفردة أو كحركات متتابعة بينها ثوان قليلة. ورغم عمري الصغير فإنّني أعرف حدود حركاتي وقفزاتي فلا أرتطم بجدران غرفتي الصغيرة الجميلة المكيّفة، ولا أحدث بها عبثًا أو اضطرابا حتّى لا يصيبكِ مكروه وإن كنتُ بعدُ نسمة في داخلك.

هاهي الأيام تمضي وأنا في سكني الصغير، فيزداد نشاطي وتتصاعد حركاتي قوّة وعددًا متراوحة بين الدقّة والنشاط في الأسبوع الثاني عشر، لكنّكِ حتّى الآن لا تحسّين بهذه الحركات وحتّى أتجاوز شهري الرابع. وأحمد الله أن جعلني معكِ لطيفًا رقيقًا في أشهر الحمل الأولى، حيث لا أزيد على ما فيها من متاعب الغثيان وقيء الحمل وأحاول ألاّ أزعجك بحركاتي وتنقّلاتي وتمريناتي حتّى تنهضي وتَسلمي من تلك المتاعب. وبعدئذ أتجاوز شهري الرابع فتشعرين بتحرّكاتي وبدبيب حياتي داخل كيانكِ، فيكون بيننا حديث بلا كلام، وحوار حبّ بلا جدل، وتواصل لا يسكن في نوم ولا ينقطع بليل أو نهار…»

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.