موقع الشيخ طلاي

Menu

كثرة اللُّقم تطرد النِّقم – الأستاذ خيرون إبراهيم بن عيسى

Sticky

                                الجلسة الخامسة عشر: 11 أفريل 2018م الموافق لـ: 24  رجب 1439هـ

أيّها السادة المحترمون، أيّها الأساتذة الحضور، مُـحبّي الثقافة وتبادل الرأي، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

بادئ ذي بدء، أوجّه تعزيتي وتصبيري للرجال العاملين في الدفاع عن الوطن من أبناء وطننا المفدّى، في مختلف المستويات والمواقع، وفي مقدّمتهم فخامة السيّد رئيس الجمهوريّة ونائبه في وزارة الدفاع السيّد أحمد قايد صالح المحترميْن؛ ونقول لأنفسنا ولهؤلاء جميعًا: (قُل لَّنْ يُّصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُومِنُونَ)، وبقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الاَمْوَالِ وَالانفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للهِ وَإنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبـِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

إخواني، جلستنا في هذه الليلة تكون من كتيّب صغير، من إصدارات الأديب الملتزم النشيط الأستاذ إبراهيم بن عيسى خيرون حفظه الله ورعاه، الذي يتحفنا بقصصه ومواضيعه الممتعة، فتزيل عنّا كآبة البحث والتفكير في قوله تعالى: )وَلْتَكُن مِّنكُمُ, أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلىَ الْخَيْرِ وَيَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(.

فهل نحن قمنا بواجبنا مع الأوضاع التي تُجابهنا صباح مساء؟

أرجو أن نكون ممّن غُلب على أمرهم، وأسمعنا صوتَنا مع الأصوات المختلفة، والسماء المنقوبة.

موضوع الجلسة في قوله u: «داووا مرضاكم بالصدقة»، وفي الأثر الذي حفظناه: «الصدقة تدفع البلاء»، والكتاب بعنوان: نزهة المجالس، الصحيفة: 47.

كثرة اللُّقم تطرد النِّقم

يُحكى أنّ امرأة رأت في الرؤيا أثناء نومها أنّ رجلاً من أقاربها لدغته أفعى سامّة فقتلته ومات على  الفور؛ وقد أفْزعتها هذه الرؤيا وأخافتها جدًّا. وفي صبيحة اليوم التالي توجّهتْ إلى بيت ذلك الرجل وقصّت عليه رؤياها وعَبَّرَت له عن مخاوفها، وطلبت منه أنْ ينتبه لِما يدور حوله، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر.

فنذر الرجلُ على نفسه أن يذبح كبشين كبيريْن من الضأن نذْرًا لوجه الله تعالى، عسى أنْ ينقذه ويكتب له السلامةَ من هذه الرؤيا المفزعة. وهكذا فعل؛ ففي مساء ذلك اليوم ذبح رأسيْن كبيريْن من الضأن، ودعا أقاربَه والناس المجاورين له، وقدّم لهم عَشاءً دسمًا، ووزّع باقي اللحم حتّى لم يبقَ منه إلاّ ساقًا واحدة. وكان صاحب البيت لم يذُق طُعم الأكل ولا اللحم، بسبب القلق الذي يملأ نفسه، والهموم التي تنغّص عليه وتقضّ مضجعه؛ فهو وإن كان يبتسم في وجوه الحاضرين إلاّ أنّه كان يعيش في دوّامة من  القلق والخوف من المجهول.

لفَّ الرجلُ الساقَ في رغيفٍ من الخبز، ورفعها نحو فمه ليأكل منها، ولكنّه تذكّر جارته العجوز التي لا تستطيع القُدوم بسبب ضعفها وهرمها، فَلاَمَ نفسه قائلاً: لقد نسيتُ تلك العجوز، وستكون الساق من نصيبها. فذهب إليها بنفسه، وقدَّمَ لها تلك الساق واعتذر لها؛ لأنّه لم يبقَ عنده شيء من اللحم غيرَ هذه القطعة.

سُرَّت المرأةُ بذلك، وأكلت اللحم ورمت عظمةَ الساق. وفي ساعات الليل جاءت حيَّةٌ تدبُّ على رائحة اللحم، وأخذت تأكل ما تبقّى من الدهنيات وبقايا اللحم عن تلك العظمة، فدخل عظم الساق في حلْقها، ولم تستطع الحيّةُ التخلّص منهّ؛ فأخذت ترفع رأسها وتخبط العظمة على الأرض، وتجرّ نفسها إلى الوراء، وتزحف محاوِلَةً تخليص نفسها؛ ولكنّها عبثًا حاولت ذلك؛ فلم تُجْدِ محاولتها شيئا، ولم تستطع تخليص نفسها.

وفي ساعات الصباح الباكر سمع أبناءُ الرجل المذكور حركة وخَبْطًا وراء بيتهم، فأخبروا أباهم بذلك. وعندما خرج ليَسْتَجْلِي حقيقة الأمر، وجد الحيّةَ على تلك الحالة وقد التصقت عظمة الساق في فكِّها وأوصلها زحفُها إلى بيته، فقتلها وحَمِدَ الله على خلاصه ونجاته منها، وأخبر أهله بالحادثة؛ فتحدَّث الناس بالقصّة زمنًا، وانتشر خبرُها في كلّ مكان، وهم يردِّدون المثلَ القائل: «كَثْرةُ اللُّقَم تطردُ النِّقَم»، أي كثرة التصدّق بالطعام تدفع عنك البلايا.

وفيما يلي بعض الأسئلة والانطباعات:

  • في القصّة تصديق لقوله r في حديث طويل: «…وإنّ صنائع المعروف تقي مصارع السوء…».
  • يقال إنّ الرؤيا للخير والحلْم لغير ذلك، فهل هذا صحيح؟
  • يلاحظ عودة كُتب التعبير وتفسير الأحلام إلى حياة الناس، وربّما كان في ذلك ما يهزّ عقيدة المسلم.
  • كان الكرم وصنائع المعروف شائعا في الناس مع قلّة ذات اليد، وقَلَّ مع انبساط الحياة وتحسّن ظروف العيش، أو لِنَقُلْ: أصبح بعضه لمجرّد المباهاة، إلاّ مَنْ رحم الله.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.