موقع الشيخ طلاي

Menu

خديجة رضي الله عنها -سيرة ابن هشام

الجلسة الخامسة: 01/02/2012م الموافق ليوم 8 ربيع الأوّل 1433هـ

إخواني السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لا تكون إطلالتنا الليلة إلاّ على الحدث العظيم الذي خصّ اللهُ به البشرية عامّة، والأمّة الإسلامية خاصّة، نزول القرآن الكريم، وقد قال الله تعالى: (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنتُم عَنْهُ مُعْرِضُونَ).

وكيف لا ونحن نُعِدّ العُدّة للاحتفال بميلاده صلّى الله عليه وسلّم. واخترتُ أن تكون الإطلالة على مبدأ نزول الوحي عليه عليه السلام في غار حِراء في 27 من شهر رمضان.

وإتماما للإفادة أحدّثكم عن خديجة رضي الله عنها، وقد قال عنها عليه السلام: «آمنتْ بي عندما كذّبني الناس، وواستني بمالها عندما حرمني الناس»؛ وقد قيل عنها إنّها سيّدة نساء الجنّة.

الإطلالة من كتاب سيرة ابن هشام ج1، ص273-275 بشيء من التصرّف.

«حتّى إذا كان الشهرُ الذي أراد اللهُ تعالى به فيه ما أراد من كرامته، من السَّنة التي بعثه الله تعالى فيها؛ وذلك الشهر شهر رمضان، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حِراء، كما كان يخرج لجواره ومعه أهلُه، حتّى إذا كانت الليلةُ التي أكرمه اللهُ فيها برسالته، ورَحِمَ العباد بها، جاءه جبريل u بأمر الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فجاءني جبريلُ، وأنا نائم، بنَمَط (رعاء كالسفط) من ديباج فيه كتابٌ، فقال اقرأْ؛ قال: قلتُ: ما أقرأ؟ قال: فغتَّني (الغتُّ حبس النفس) به حتّى ظننتُ أنّه الموت، ثمّ أرسلني فقال: اقرأ؛ قال: قلتُ: ما أقرأ؟ قال: فغتَّني به حتّى ظننتُ أنّه الموت، ثمّ أرسلني، فقال: اقرأْ؛ قال: قلتُ: ماذا أقرأْ؟ قال: فغتَّني به حتّى ظننتُ أنّه الموتُ، ثمّ أرسلني، فقال: قال: فقلتُ: ماذا أقرأْ؟ ما أقول ذلك إلاّ افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي؛ فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبـِّكَ الذِي خَلَقَ خَلَقَ الاِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبـُّكَ الاَكْرَمُ الذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الاِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق: 1-5). قال: فقرأتها ثمّ انتهى فانصرف عنّي وهببتُ من نومي، فكأنّما كتبت في قلبي كتابًا. قال: فخرجتُ حتّى إذا كنتُ في وسط من الجبل سمعتُ صوتا من السماء يقول: يا محمّد، أنت رسولُ الله وأنا جبريلُ؛ قال: فرفعتُ رأسي إلى السماء أنظرُ، فإذا جبريل في صورة رجل صافّ قَدَمَيْهِ في أفق السماء يقول: يا محمّد، أنت رسولُ الله وأنا جبريل. قال: فوقفتُ أنظرُ إليه فما أتقدّم وما أتأخّر، وجعلتُ أصرفُ وجهي عنه في آفاق السماء، قال: فلا أنظر في ناحية إلاّ رأيته كذلك، فما زلتُ واقفًا ما اتقدّم أمامي وما أرجع ورائي حتّى بَعثتْ خديجةُ رُسلَها في طلبي، فبلغوا أعلى مكّة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك؛ ثمّ انصرف عنّي…

خديجة بين يديْ  ورقة تحدّثه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ثمّ قامت فجمعت عليها ثيابَها، ثمّ انطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسَد بن عبد العزّى بن قُصَيّ، وهو ابن عمّها، وكان ورقة قد تنصَّر وقرأ الكتب، وسمع من أهل التوراة والإنجيل، فأخبرتُه بما أخبرها به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أنّه رأى وسمع؛ قال ورقةُ بن نوفل: قُدُّوس قُدُّوس، والذي نفسُ ورقَة بيده، لئن كنتِ صَدَقْتيني يا خديجةُ لقد جاءه الناموسُ الأكبرُ الذي كان يأتي موسى، وإنّه لَنبيُّ هذه الأمّة، فقولي له: فليثبُتْ. فرجعتْ خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول وَرقة بن نوفل، فلمّا قضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جِوارَه وانصرف، صنع كما كان يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها، فلَقيه ورقةُ بن نوفل وهو يطوف بالكعبة فقال: يابن أخي أخبرني بما رأيتَ وسمعتَ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال له ورقةُ: والذي نفسي بيده، إنّك لنبيّ هذه الأمّة، ولقد جاءك الناموس الأكبرُ الذي جاء موسى، وَلَتُكَذَّبَنَّه ولَتُؤْذَيَنَّهُ ولتُخْرَجَنَّهُ ولتقاتلنَّه، ولئن أنا أدركتُ ذلك اليومَ لأنصرنَّ الله نصرًا يعلمه، ثمّ أدنى رأسه منه، فقبَّل يافوخه، ثمّ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله.».

امتحان خديجة برهان الوحي

حدَّث عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي ابن عمّ أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال: نعم.

قالت: فإذا جاءك فأخبرني، فجاءه جبريل u كما كان يصنع، فقال لها: هذا جبريل قد جاء، فقالت له: قمْ واجلسْ أمامي، قالت له: هل تراه؟ فقال: نعم، قالت له: ادخل تحت درعي وتحسّرت وألقت خماري، فقالت له: هل تراه؟ قال: لا، قالت له: يا ابن عمّ أثبتْ وأبشر، فوالله إنّه لَملَك وما هو بشيطان.

يقول البصيري عن هذه الحادثة:

وأتاها في بيتها جبرءيل        ولذي اللبّ في الأمور ارْتياءُ

فأماطَتْ عنها الخمارَ لتدرى   أهو الوحي أم هو الإغْماء

فاختفى عند كشفها الرأس    جبريل فما عاد أو أعيد الغطاء

فاستبانت خديجة أنّه الكنز     الذي حاولته والكمياء

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.