موقع الشيخ طلاي

Menu

الإسلام والحضارة الإسلامية

جلسة يوم  16/02/2011م الموافق ليوم 13 ربيع الأنوار 1432هـ

أيّها الإخوة الحضور السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لا زالت نسمات نبيء الإسلام والإشادة به نتنسَّمُ عبيرها، ولم يمرّ علينا إلاّ يوم أو بعض يوم من ميلاده عليه السلام.

ونظرا لهذا اخترتُ أن تكون إطلالتنا اليوم من نصٍّ للكاتب الموسوعي الكبير عبّاس محمود العقّاد، في موضوع رسالة سيّدنا محمّد r، وفي كونها عالَمية؛ وقد نصّ الله على ذلك في قوله تعالى: }وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِلنَّاسِ{.

ويقارن في مقاله هذا بين ديانة الإسلام وكونها عالمية والديانات السابقة، فيرى أنّها لم تَصِلْ إلى مستوى العالمية، بل بقيت محصورة في قبيلة أو جهة. وكانت تلك الديانات مقصورة على العصبية القومية أو على قضية تحويل الوثنيين عن اعتقاداتهم الخرافية.

أمّا الإسلام فقد كان على خلاف ذلك، فقد حوّل أعرق الأمم في الحضارة إلى عقيدة المسلمين والمنهجية التي ارتضاها الله أن تكون عليه البشرية.

النصّ من الكتاب المدرسي “المختار في الأدب”، ص322:

« الإسلام والحضارة الإسلامية

}وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا{.

}وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىا بِاللَّهِ شَهِيدًا{.

هكذا أعلنها القرآن الكريم دعوة عامةّ منذ ألف وأربعمائة سنة، وهكذا أعلنها النبيء صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وتابعوهم الأبرار في صدر الإسلام، ولم يمض ربع قرن من التاريخ الهجري حتّى قامت بيّنات الواقع على حقيقة هذه الدعوة الإنسانية الإسلامية، فدان بالدين الجديد أُناسٌ من جميع الأقوام والسلالات، ولم تنقض على الهجرة ثلاثةُ قرون حتّى كان في عِداد المسلمين ساميون وآريون وحاميون وطورانيون، عرب وفرس وترك وهنديون وصينيون وإفريقيون من السود والإثيوبيين.

هذه البيّنة العلمية أو الواقعية على “عمومية” الدين، وهي بيّنة ينفرد بها الإسلام بين الأديان الكتابية وغير الكتابية، وينبغي أن ننظر إليها من وجهتها الصحيحة لنعرف حقّا أنّها مزيّة قد انفرد بها الإسلام.

إنّ دينا من الأديان الأخرى لم يكسب أمّة ذات كتاب عريقة في الحضارة، وإنّما كانت الأديان مقصورة على العصبية القومية أو على تحويل الوثنية الذين درجوا على عبادة الأصنام وما يشبه الأصنام من رموز القوّة الطبيعية.

فالموسوية قصرت دعوتها على العبريين أو اليهود، ولمّا قام المكابيون ليكرهوا قبائل البادية على قبول الشعائر اليهودية، كانت هذه القبائل وثنية مغرقة في الجهالة، وكان المكابيون يؤمنون بالإله “يهوا”، ملكا تجب له الطاعة على رعاياه، وكانوا من أجل هذا يسمّون أمراءهم رؤساء كهّان، ولا يسمحون لهم بلقب الملك وشاراته ومراسمه، فإكراه القبائل على قبول سلطان “يهوا” إنّما كان عندهم بمثابة الخضوع السياسي الذي يلزم الأجانب والغرباء، كما يلزم أبناء الأمّة وأهل السلالة.

والبرهمية ظلّت ديانة قومية عنصرية حتّى خرجت منها النحلة البوذية، فنجحت في تحويل الوثنية إليها في الصين واليابان، ولم تحوّل إليها قطّ أمّة ذات كتاب.

والمسيحية حوّلت إليها الرومان وغيرهم من الغربيين أو الشرقيين، ولكنّهم كانوا جميعا من الوثنيين الذين وقفوا عند خطوات الدين الأولى ولم يجاوزوها إلى عقائد أهل الكتاب.

أمّا الإسلام فقد حوّل إليه على خلاف ذلك أعرق الأمم في الحضارة وفي الإيمان بالعقيدة الكتابية، فأسلمت فارس وأسلمت مصر، وهما على التحقيق أعرق أمم العالم يومئذ في تاريخ الحضارة، أولاهما كانت تؤمن بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب وغَلَبَة الخير على الشرّ وخلود الروح، وثانيهما كانت تدين بالمسيحية وتحمل لواءها في العالم القديم.

هذه العزيمة ينفرد بها الإسلام بين جميع الديانات، وهي آية العالمية والصلاح لدعوة الأمم جمعاء، سواء منها الأمم المعرقة في الحضارة والدين أو الأمم التي لم تبلغ بَعْدُ مبلغ الارتقاء في التحضّر والاعتقاد.».

الرجـاء ممّن يشرّفـنا بزيارة الموقـع أن يفـيدنا بما يـراه في الموضـوع

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.