موقع الشيخ طلاي

Menu

ومن يتق الله يجعل له مخرجا -طبقات المشائخ بالمغرب-

جلسة يوم  12/10/2011م الموافق ليوم 14 ذو القعدة 1432هـ

إخواني السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اخترتُ لكم اليوم إطلالة على كتاب “طبقات المشايخ بالمغرب“، للشيخ أبي العبّاس أحمد بن سعيد الدرجيني رحمه الله؛ اخترتُ منه قصّة وقعت لأبي يحي زكرياء بن صالح اليراسني رحمه الله، وهو من الطبقة الثانية عشر (550-600هـ).

قال عنه صاحب الطبقات: «رجل أتاه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، أوسع الله عليه في الأخلاق والأرزاق والأعمال والمال والعطاء».

حادثة وقعت له في رحلة من رحلاته بين ورجلان وجربة في صحراء وكثبان نفزاوة، ومعهم، أي الركب الذي فيه، ثروة ذهبية، والمنطقة مشهورة بقطّاع الطرق واضطراب الأمن فيها.

والحقّ أنّ بلاد الجريد كلّها عانت الأمرّين كثيرًا عند ضعف أمر الإباضية فيها، واستولى عليها رؤساء القبائل أو الجماعات التي تعيش على النهب والإغارة، أو مَن ينصّبون أنفسهم ملوكا على الناس، وهي حالة لا تختصّ بها بلاد الجريد ووادي ريغ فقط، وهي المرحلة التي تسمّى بعهود الضعف عند الأدباء.

يقول الشيخ الدرجيني في الجزء 2، الصفحة 325:

«فمن ذلك ما سمعته مرارا عن أبي رحمه الله، قال: وصل الشيخ أبو زكرياء [كذا] ذات مرّة من سجلماسّة إلى ورجلان، ثمّ خرج من ورجلان متوجّها إلى جربة في جماعة من أصحابه يكوّنون خمسة عشر راكبا أو عرشين راكبا، ومعهم قريب من مائتين وخمسين ألف مثقال ذهبا تبرا؛

لمّا صاروا ببعض الطريق بين ورجلان ونفزاوة وأصبحوا راحلين غادين بين كثبان رمل، أشرفوا من أعلى كثيب فرأوا نعما كثيرا في المرعى، ومن ورائها رجال فيئسوا من السلامة، إلاّ أنّهم تضامّوا وأخفوا شخوصهم قبل أن يراهم أحد ثمّ تشاوروا فيما بينهم.

فقائل يقول: ندفن ما معنا، وقائل: نولّي خلفنا، وقائل: نرسل إليهم من يجاعل على سلامتنا بجزء ممّا معنا؛ ثمّ قالوا له: ما عندك يا شيخ البركة؟ فقال: إنّما مثلنا مثل أعمى سلّم عينيه إلى القادح ليقدحها رجاء انجلاء العمى، فإن أبصر نورا فبفضل من الله ولطف به، وإن لم يبصر فإنّما كان أعمى وبقي أعمى، وكذلك نحن.

وعندي رأي هو بمنزلة القدح، فإن فعلنا ونجونا فبلطف من الله، وإن عطبنا فنحن عاطبون من قبل ذلك؛ قالوا: وما رأيك المبارك إن شاء الله؟ قال: أرى أن نستدير مع بعض الأحقاف إلى أقرب قطيع يلينا من الغنم الذي رأيناه، فنخرج إلى القطيع على حين غفلة من أرباب الإبل ورعاتها، ثمّ ندخل في وسط القطيع، ثمّ نقول لهم: نحن دخلاء هذه الإبل، ففعلوا. (أي أنّهم دخلوا في حرمة صاحب تلك الإبل وأمانه).

فعند مروقهم من بين الكثبان ودخولهم في الإبل رأتهم فرسان، فما كان بأسرع من إتيان الخيل إليهم مثنى وفرادى متوجّهين مُوجِفِين، فإذا هم من «المغترف»، وللمغترفين إذ ذاك أحساب طيّبة، وإذا بربّ القطيع من أشرف أوّل فارس، فقال لراعي إبله: ما هذا ؟ قال: لا أدري، إلاّ أنّ الإبل كانت ترعى فلم أشعر وإلاّ والركبان كانت في وسطها، وقالوا: نحن دخلاء لصاحب هذه الإبل، وقال الفارس: لهم أمان الله، وإذا بالخيل تركض متتابعة، فقال لهم: لا تتبعوا خيلكم فقد حرموا، (أي أنّهم في أمانه وحرمته). قال: فأنزلهم وأكرم مثواهم ثمّ صحبهم أو أصحبهم من خيله من بلّغهم إلى مأمنهم من قرى نفزاوة.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.