موقع الشيخ طلاي

Menu

مواقف تاريخية هامة

جلسة يوم 28/01/2009 الموافق ليوم 2 صفر 1430هـ

إخواني الأساتذة، إخواني الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حديثنا الليلة سيكون بحول الله في السلسلة التي فتحناها في حصّة من حصصنا السابقة بعنوان: مواقف تاريخية هامّة.

وقد تحدّثنا في تلك الجلسة عن موقف هامّ وخطير جدّا مرّ على المسلمين، وخاصّة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما توفّي رسول الله والتحق بالرفيق الأعلى.

وقد نقلت إليكم نصوصا من كتاب السيرة لابن هشام تبيّن تلك المواقف الحرجة التي جابهت الصحابة رضوان الله عليهم، وكيف تصرّفوا إزّاءها بحكمة وجنّبوا الأمّة الإسلامية مزالق ومطبّات يمكن أن تقع فيها لولا لطف الله وحسن تصرّفهم الذي وفّقهم الله إليه.

حديثنا في هذه الليلة سيكون عن موقف آخر من تلك المواقف التاريخية التي لها أثر كبير على الأمّة الإسلامية، لا يقلّ خطورة عن الموقف المتحدَّث عنه في الحصّة السابقة وربّما أشدّ خطورة وأثرا، وهو موقف الصحابة من الأعراب والقبائل البدوية التي ارتدّت ورجعت إلى الكفر بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحروب الردّة المعروفة تاريخيا، وهي تلك الحروب التي قادها الصحابةُ وخاصّة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر الصدّيق رضي الله عنه.

ولكي نتصوّر الأحداث ونقترب إليها نسبيا أنقل لكم بعض فقرات بل نصوصا من كتاب البداية والنهاية لابن كثير المتوفّى سنة 774هـ.

والمشكل يتجلّى في قضيتين،

– قضية بَعث أسامة، أي الجيش الذي هيّأه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبل موته وأمّر عليه الصحابيّ الجليل حبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، وتعطّل عن الخروج عندما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض الذي مات فيه.

– والقضية الثانية، ارتداد الأعراب وأهل البادية عن الإسلام وموقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل المدينة بالخصوص منهم، وما هو التصرّف الحكيم من هذه النكسة الخطيرة للإسلام.

نبدأ بالقضية الأولى بعث جيش أسامة.

يقول ابن كثير في “البداية والنهاية”، (ج4/ ص10، 11):

«قال الحافظ أبو بكر البيهقيُّ (أخرج الحديث عن أبي هريرة)، قال: واللهِ الذي لا إله إلاّ هو لولا أنّ أبوبكرٍ استُخلف ما عُبد اللهُ، (قالها ثلاثا)، فقيل له: مَهْ يا أبا هريرة (أي اسكُتْ)؛ فقال إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجّه أسامةَ بن زيد في سبعمائة إلى الشام، فلمّا نزل بذي خُشُبٍ (الجرف) قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدّت العربُ حول المدينة،

فاجتمع إليه أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا بكرٍ رُدَّ هؤلاء؛ تُوَجِّهُ هؤلاء إلى الروم وقد ارتدّت العربُ حول المدينة ؟!

فقال: والذي لا إله غيره، لو جَرَّت الكلابُ بأرجُلِ أزواجِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما رَدَدْتُ جيشًا وجَّهَهُ رسولُُ الله صلى الله عليه وسلم، ولا حَللتُ لواءً عقَده رسول الله صلى الله عليه وسلم».

وفي رواية: «قال له الناسُ إنّ هؤلاء الذين هم في الجيش هم جُلّ المسلمين، والعرب على ما ترى قد انتقضت بك، وليس ينبغي لك أن تفرّق عنك جماعة المسلمين،

فقال: والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننتُ أنّ السباعَ تخطفني لأنفذتُ بَعْثَ أسامةَ كما أمرَ به رسولُ الله، ولو لم يبق في القرى غيري لأنْفَذْتُه».

«فكان خروجُه في ذلك الوقتِ من أكبرِ المصالح، والحالة تلك، فساروا لا يمرّون بحيّ من أحياء العرب إلاّ أُرعبوا منهم، وقالوا: ما خرج هؤلاء من قوم إلاّ وبهم مَنَعَةٌ شديدةٌ…

(وقال بعضهم): نَدَعُهم حتّى يلْقَوْا الرومَ، فلَقُوا الرومَ فهزموهم وقَتَّلوهم، ورجَعوا سالمين» بعد أن غابوا نحو ستّين يوما؛ «فجهّزهم حينئذٍ مع الأحياءِ الذين أخرجهم لقتال المرتَدَّةِ ومانعي الزكاةِ».

النصّ يستوقفنا للتأمّل والتفكير العميق.

1. عناية الله بهم ولطفه، وقد قال تعالى: ]وَالذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُم سُبُلَنَا[ الآية.

2. إصرار أبي بكر واحترامه لِما أَبْرَمَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإيمانُه العميق الذي لا يُقدّر.

3. موقف الأعراب عندما رأوا تلك القوّة.

4. العبرة من هذه الحادثة، وقد قال تعالى: ]وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُم[ الآية.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.