مواقف تاريخية هامة -الجزء الثاني
جلسة يوم 04/02/2009 الموافق ليوم 8 صفر 1430هـ
السادة الأساتذة، السادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سيكون حديثنا في هذه الليلة تابعا لحديثنا في الجلسة السابقة، موضوع موقف الصحابة من الأعراب والقبائل البدوية التي ارتدّت ورجعت إلى الكفر بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحاقه بالرفيق الأعلى.
وقد ذكرنا أنّ المشكل الذي واجهه الصحابة رضوان الله عليهم يتجلّى في قضيتين: قضية بَعث أسامة، أي الجيش الذي هيّأه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته وأمّر عليه الصحابيّ الجليل لينطلق إلى شمال الجزيرة ما يسمّى بجنوب الشام تبُوك.
وتعطّل عن الخروج عندما ألمّ المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد تحدّثنا عن هذا الأمر وكيف كان بعث هذا الجيش وإنفاذُه في ظرف حرج جدّا ألمّ بالإسلام والمسلمين ما كان سببا من أسباب النصر والغلبة والعزّة لهم، على حدّ قوله تعالى: «وَعَسَى أن تَكْرَهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم».
والقضية الثانية أو المشكل الثاني -وهو موضوع حديثنا هذه الليلة ارتداد غالب القبائل العربية ورجوعها إلى الكفر، وكيف واجه الصحابة بقيادة رسول الله هذا المشكل.
لقد كانت حروب الردّة قاسية على المسلمين وواجهها أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه بصبر وعزم وثبات.
وكانت تلك القبائل عندما يقترب منها لواء من الألوية التي وجّهها إليها لتأديبها ويغشاهم المسلمون يُظهرون الإسلام ويعلنون ولاءهم لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندما ينتقلون إلى غيرهم ينتقلون إلى الكفر ويعلنون الردّة والرجوع إلى الكفر.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (ج4، ص17):
فصل في تصدّي الصدّيق لقتال أهل الرِّدّة ومانعي الزكاة.
قد تقدّم أنّ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم لمّا تُوفّي ارتدَّتْ أحياء كثيرةٌ من الأعراب، ونجَم النفاقُ بالمدينةِ، وانحاز إلى مُسَيْلِمةَ الكذّابِ بنو حَنيفةَ وخَلْقٌ كثيرٌ باليَمامةِ، والتفَّت على طُلَيحةَ الأسَديِّ بنو أسَدٍ وطَيْئٌ وبَشَرٌ كثيرٌ أيْضًا…وتحرّكت بنو حنيفة والتفّت حول نبيّهم شجاع؛ إلى أن قال: وجعلت وفود العرب تقدمُ المدينة يقرّون بالصلاة ويمتنعون من أداء الزكاة، ومنهم من امْتنع من دفعها إلى الصدّيق، قال قائلهم:
أطعنا رسولَ الله إذ كان بيننا فواعَجَبا ما بالُ مُلكِ أبي بكرِ
وقد تكلَّم الصحابةُ مع الصدّيق في أن يترُكَهم وما هم عليه من مَنع الزكاةِ، ويتَألَّفَهم حتّى يتمكّنَ الإيمانُ في قلوبهم، ثمّ هم بعدَ ذلك يُزَكُّونَ، فامتنعَ الصدّيقُ من ذلك وأباه. انتهى.
فعقد أحد عشر لواء، فعقد لخالد بن الوليد، ولعكرمة بن أبي جهل، ولخالد بن سعيد بن العاص، ولعمرو بن العاص، ولحذيفة بن محصن الغطفاني، وللعلاء بن الحضرمي وأمّره بالبحرين.
ووجّه كلّ واحد إلى ناحية من أنحاء الجزيرة.
وكانت أقسى المعارك وأشدّها على المسلمين المعارك التي جرت بين هؤلاء الثلاثة الذين ادّعوا النبوءة، فانساقت إلى أوهامهم الدهماء وأرباب المصالح والمطامع حسب لغة العصر.
معركة اليمامة مع مسيلمة الكذّاب ونبية بني حنيفة وبني تميم سجاح، وطليحة الأسدي في بني أسد وطيّئ..
ومعركة الأسود العنسي باليمن، وهذا لم يدّع النبوءة إنّما حاول أن يستردّ عمالة آبائه مع ملوك فارس.
واستمرّت هذه الحروب سنتين من خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
العبرة من هذه الحروب
ذكر الشيخ عبرا تؤخذ من هذه الحروب وموقف الصحابة رضوان الله عليهم، ومنها إنّ الإسلام لم يصل إلينا بسهولة، ومن الخطأ الكبير أن نفرّط فيه وفيما يدعو إليه.
لمّا قدمت وفود بني حنيفة على الصدّيق قال لهم: اسمعونا شيئا من قرآن مسيلمة، فقالوا أوَ تعفينا يا خليفة رسول الله، فقال: لا بدّ من ذلك.
ومن الطريف الحديث الذي جرى بين مسيلمة وسجاح.
ويُقال الشيء بالشيء يذكر، الرجلُ الذي ادّعى أنّه المهدي المنتظر في المحمّدية بولاية معسكر؛
أورد الخبر اليومي قصّة رجل اتّخذ في الشبكة العنكبوتية موطئا، يزعم أنّه المهدي المنتظر، يدّعي أنّ صلاة الجمعة والعشاء والفجر مكروهات، وصيام رمضان إنّما يكون في شهر ديسمبر لا في غيره، فإنّ من قال إنّ مسيلمة الكذّاب قد مات ؟ !
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.