موقع الشيخ طلاي

Menu

العدل أساس الملك

جلسة يوم 11/02/2009 الموافق ليوم 15 صفر 1430هـ

إخواني السادة الأفاضل، حديثنا وإطلالتنا هذه الليلة ستكون في موضوع القيام بالحقّ والعدل من السلطان من كتاب العقد الفريد لابن عبد ربّه، وهو كتاب فريد حقّا من بين كتب الأدب الإسلامي، ويقع في سبعة أجزاء؛ كتاب لا يستغني عنه أديب يريد تقويم لسانه وتنوير أفكاره.

وقديما قيل: العدل أساس الملْك.

وأهاب الله بالمسلمين جميعا أن يكونوا عادلين، كما أهاب بهم أن يكونوا محسنين، قال تعالى: « إِنَّ اللَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَىا وَيَنْهَىا عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ».

قال صاحب العقد الفريد (ج1، ص27):

«أيّها الناس إنّ للإسلام حائطا منيعًا، وبابًا وثيقًا، فحائط الإسلام الحقّ وبابه العدل، ولا يزال الإسلام منيعًا ما اشتدّ السلطان؛ وليست شدّة السلطان قتْلاً بالسيف، ولا ضرْبًا بالسوط، ولكن قضاء بالحقّ وأخْذًا بالعدل».

ويعجبني في الموضوع مقال أوردته صحيفة الشروق اليوم للدكتور عبد الرزّاق قسّومْ عن فتنة بريان واختلاط الأسباب فيها وغياب الحلّ وفقدان الحكمة والتبصّر، أنقل منه هذه الكلمة:

«إنّ ما يحدث في بريان، وما حدث بالأمس في تيزي وزّو إنّما هو نذير شؤم، ومقدّمة فاسدة لمستقبل مظلم يوشك أن ينتقل كالشرارة إلى باقي ولايات الوطن إن لم يحصَّن شبابنا بالإيمان، وهو الأساس، وبالوطنية صضوهي النبراس، وبالعدل وهو أساس السلام والأمن في الناس».

لنعد إلى كتاب العقد الفريد، ج1، ص54.

«تحلّم السلطان على أهل الدين والفضل إذا اجترءوا عليه.

زِياد عن مالك بن أنَس قال: بعث أبو جعفر المنصور إليَّ وإلى ابن طاوس، فأتيناه فدخلنا عليه، فإذا هو جالس على فُرُش قد نُضِّدت، وبين يدَيه أنطاع قد بُسطت، وجَلاوزة بأيديهم السيوف يَضْربون الأعناق. فأومأ إلينا: أن اجلسا، فجلسنا. فأطرق عنّا طويلا، ثمّ رفع رأسه والتفت إلى ابن طاوس، فقال [له]: حدِّثْني عن أبيك. قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أشدّ الناس عذابا يومَ القيامة رجل أشركه الله في حكمه فأدْخَل عليه الجَوْرَ في عدله». فأمسك ساعة. قال مالك: فضَممت ثيابي من ثيابه مخافةَ أن يملأني من دمه. ثمّ التفت إليه أبو جعفر فقال: عِظني يابن طاوس. قال: نعم يا أمير المؤمنين، إنّ الله تعالى يقول: «اَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبـُّكَ بِعَادٍ، اِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، التِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ، وَثَمُودَ الذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي، وَفِرْعَوْنَ ذِي الاَوْتَادِ، الذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَدِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبـُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ، اِنَّ رَبـَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ».

قال مالك: فَضَمَمتُ ثيابي من ثيابه مخافة أن يملأ ثيابي من دمه. فأمسك ساعةً حتّى اسودّ ما بيننا وبينه، ثمّ قال: يابنَ طاوس، ناولني هذه الدَّواة. فأمسك عنه، ثمّ قال: ناولني هذه الدواة، فأمسك عنه. فقال: ما يمنعك أن تُناوِلَنيها ؟ قال: أخشى أن تكتُبَ بها مَعصية الله، فأكون شريكَك فيها. فلمّا سمع ذلك قال: قومَا عنّي. قال ابنُ طاوس: ذلك ما كنّا نبغي».

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.