موقع الشيخ طلاي

Menu

لامية ابن الوردي

الجلسة السابعة: 14/02/2012م الموافق ليوم 22 ربيع الأوّل 1433هـ

 

أيّها السادة الحضور، إخواني الأساتذة ومحبّي الثقافة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إطلالتنا هذه الليلة ستكون على نماذج من قصيدة قديمة، كان المعلّمون ومربّي الناشئة يُحَفِّظونَها طُلاّبَهم، ويَحْمِلونهم على النصائح والأخلاق التي تمجّدُها تلك القصيدة وتدعو إليها.وقد أصبحت أقوالُ الشاعر فيها وحِكَمُه أمثالا تُحفَظُ ويُسْتَشْهَدُ بها.

والملاحظ أنّ قائلها ينتمي إلى علماء القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي، وهو من مَعرّة النعمان بسوريا، مدينة أبي العلاء المعرّي، وقَلَّ مَن لا يحفظها ويستشهد بها من علماء المغرب العربي، فما بالك بالمشرق العربي.

القصيدة تُعرف بعنوان: نصيحة الإخوان ومرشدة الخِلاّن.

ربّما تقولون لي: أَلاَ يمكن أن نستغني عَمّا ورد فيها بما عندنا، وقد تضمّنت الدراسات التربوية في عهدنا هذا تقدّما مَهولاً.

أقول لكم: ربّما الأمر كذلك، ولكن المثل يقول: كُلُّ جديدٍ له لذّةٌ، ولكن القديم «لا تْفَرَّطْ فيهْ».

الشاعر هو ابن الوردي زيد الدين عمر بن المظفّر اللغوي، الفقيه، الشاعر التعليمي، اشتهر بقصيدة واحدة، هي القصيدة المعروفة بلامية ابن الوردي، من كتاب “التعريف بالأدب العربي”، الصحيفة 427.

يفتتحُ ابن الوردي كلامه بالدعوة إلى ترك الغزل والخمرة، واتّباع تقوى الله لأنّها هي البطولة، فيقول:

 

اعْتزلْ ذِكْر الأغاني والغزلْ   وقُلِ الفصْلَ وجانبْ مَنْ هَزَلْ
ودَعِ الذِّكْرى لأيّامِ الصِّبا   فلإيَّامِ الصِّبى نَجْمٌ أَفَلْ
واتْرُكِ الغادَةَ لا تَحْفِلْ بها   تُمْسِ في عِزٍّ وتُرْفَعْ وَتُجَلْ
وافْتَكِرْ في مُنْتَهى حُسْنِ الذي   أنتَ تَهْواهُ تَجِدْ أمْرًا جَلَلْ
واهْجُرِ الخمْرَةَ إنْ كنتَ فَتًى   كيف يسعى في جُنونٍ مَنْ عَقَلْ !
واتَّقِ اللهَ ، فتقْوَى اللهِ ما   جاوَرَتْ قلْبَ امْرئٍ إلاّ وَصَلْ
ليس مَنْ يقطعُ طُرُقًا بطلا   إنَّما مَنْ يتَّقي اللهَ البطَلْ

ثمّ يذكر سلطان الموت وكيف ذهب بالملوك الجبابرة وبالعلماء، وكيف يردون بعد ذلك إلى يوم دينونة يُجزون فيه ما قدّموا من أعمال، فيقول:

 

كُتب الموتُ على الخلْق فَكَمْ   فَلَّ من جيشٍ وأَفْنى من دُوَلْ
أيْنَ نُمْرودُ وكَنْعانُ ومَنْ   مَلَكَ الأرْضَ وولَّى وعَزَلْ ؟
أيْنَ مَنْ سادوا وشادوا وبَنَوْا ؟   هَلَكَ الكُلُّ ولم تُغْنِ القُلَلْ !
أيْنَ أَرْبابُ الحِجَى أَهْلُ النُّهى ؟   أيْنَ أهلُ العِلمِ والقوْمُ الأُوَلْ ؟
سَيُعيدُ اللهُ كُلاًّ مِنْهُمُ   وسَيَجْزي فاعِلاً ما قَدْ فَعَلْ

 

وتابع الشاعر نصائحه، فيوصي بطلب العلم والتفقّه في الدين وإتقان النحو، ونظم الشعر، ويحذر من ابتذاله بالمدح الكاذب والتكسّب، فيقول:

 

يا بُنيَّ اسْمعْ وصايا جَمَعَتْ   حِكَمًا خُصَّتْ بها خيرُ المِلَلْ :
اطْلُبْ العلمَ ولا تَكْسَلْ، فَمَا   أَبْعَدَ الخَيْرِ على أهْلِ الكَسَلْ
واحْتفلْ للفقه في الدين ولا   تَشْتَغِلْ عنه بِمالٍ وَخَوَلْ
واهْجُر النوْمَ وحَصِّلْهُ، فَمَنْ   يَعْرِفِ المطْلوبَ يَحْقِرْ ما بَذَلْ
لا تَقُلْ قد ذهبتْ أرْبابُه   كُلُّ مَنْ سار على الدَّرْبِ وصَلْ
في ازْديادِ العلْمِ إرْغامُ العِدى   وجمالُ العلمِ إصْلاَحُ العملْ
جَمِّلْ المنطِقَ بالنَّحْوِ فمن   يُحْرَمِ الإعْرابَ بالنُّطْقِ اخْتَبَلْ
إِنْظِمِ الشّعْرَ ولازِمْ مذْهبي   في اطِّراحِ الرِّفْدِ لا تَبْغِ النِّحَلْ
فَهْوَ عنوانٌ على الفضْلِ وما   أَحْسَنَ الشِّعْرِ إذا لم يُبْتَذَلْ !
أنا لا أخْتارُ تقْبيلَ يَدٍ   قَطْعُها أَجْمَلُ مِنْ تِلْكَ القُبَلْ

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.