الإمام ضياء الدين عبد العزيز الثميني وكتابه معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين.-الأستاذ عمر إسماعيل آل حكيم
جلسة يوم 19/01/2011م الموافق ليوم 14 صفر 1432هـ
إخواني الحضور السادة الفضلاء، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
حديثنا في هذه الليلة سيكون تبَعًا لحديثنا في الأسبوع المنصرم بما ملخّصه تلك الملاحظة التي لاحظها الشاعر الكبير الوطني المخلص مفدي زكرياء من أنّ هناك فرق شاسع بين حالة المزابيين في هذا الوادي في القرن التاسع عشر قبيل الاحتلال وبعد الاحتلال من تماسك وحسن تصرّف من الناحية الخارجية، ومن تخالف وسوء نظر وفتن وعصبيات من الناحية الداخلية.
ويقول مفدي: إنّ مَرَدّ ذلك يرجع غالبه إلى أنّ الناحية الخارجية في يد الرؤساء والمسيّرين الذين يمتازون بشء من حسن النظر والبعد الحضاري والثقافي، وتغلب عليهم العاطفة الدينية والأخلاقية، بخلاف العامّة والغوغاء الذين يتحكّمون في الناحية الداخلية، وتغلب عليهم النزعة القبيلة، والسلوك الأخلاقي مع الفتن والعصبيات لأتفه الأسباب.
ورأيتُ في هذه الحصّة أن أعرض عليكم باختصار صورة من تلك الصور للحالة الداخلية، التي عليها مزاب في تلك الفترة.
الإطلالة ستكون من كتاب طُبع أخيرا من سلسلة البحوث المنهجية المختارة، للأستاذ عمر إسماعيل آل حكيم، بعنوان: الإمام ضياء الدين عبد العزيز الثميني وكتابه معالم الدين في الفلسفة وأصول الدين.
أصل دراسته على كتاب معالم الدين، دراسة لنيل درجة الماجستير في العلوم الإسلامية بالمعهد الوطني العالي لأصول الدين جامعة الجزائر، طُبع الكتاب في سنة 2007 بغرداية.
ممّا يقوله الأستاذ عند ترجمته لصاحب كتاب معالم الدين للإمام الشيخ عبد العزيز:
قال في ص36: «وأمّا الوضع الاجتماعي الذي كان يسود تلك المنطقة (يعني أهل وادي مزاب) فإنّه كان وضع تمزّق ومعاناة، إذ كان الفقر وسوء المعيشة آنذاك، وكان الجهل فاشيا، والأوبئة منتشرة، والصراعات القبائلية، والعشائرية مستفحلة».
واستشهد لذلك برسالة كتبها تلميذ الشيخ عبد العزيز الحاج إبراهيم بن عبد الرحمن المعروف عندنا بـ الشيخ الحاج إبراهيم نْبيحْمانْ إلى إخواننا في جربة وجبل نفوسة.
إلى أن قال في ص37: «ولا شكّ أنّ هذه الحال لم تدم بوادي مزاب بعد أن حلّ بها أبو زكرياء الأفضلي الذي تتلمذ على علماء المشرق، وتتلمذ عليه كثيرون، منهم الثميني الذي سار على خطاه، فأرسى قواعد الحركة التنويرية من بعده.».
ويقول عن تاريخ مولده: ولد الشيخ الثميني سنة 1130هـ يوافقها 1718م.
وغادر هذه الحياة إلى دار الحياة الحقّة ببني يزقن يوم السبت في 11 رجب 1233هـ، الموافق ليوم 3 سبتمبر 1808م عن عمر يناهز المائة سنة 93 عاما، رحمه الله ورضي عنه وجزاه الله عنّا وعن الإسلام خيرا.
وفيما يلي أنقل لكم قصّة تتمّة لحديثنا عن الإصلاح الكبير والجهود الجبّارة التي بذلها الإمام الشيخ عبد العزيز في محيطنا الاجتماعي والثقافي. يقول الأستاذ الدارس في ص61:
«إصلاحه ذات البين. وأمّا ما قام به في المجتمع من المساعدة للناس وإصلاح ذات بينهم، فإنّه موضوع لأخبار عدّة تفيد كلّها أنّه كان خير ملجأ يُؤْوى إليه للحدّ من الفتن القائمة أو لحماية المظلوم أو لمواساة المحتاجين.
وممّا روي عنه أنّه اعتزل محيطه مدّة من الزمن بعد قتال وقع بين طائفتين غُلبت فيه إحداهما فلجأت إلى بلدته، وقبِلهم أهل الحلّ والعقد فيها، ولكنّهم لم يحموهم كما طلب الثميني منهم، وخانوا جوارهم إذ سلّموهم إلى محتالين قضوا عليهم.
لقد أثّرت هذه الحادثة على الثميني فاعتزل الناس والتزم داره مدّة لا تقلّ عن سبع سنين، كان لا يفتح فيها بابه إلاّ لمن شاء.
ويظهر أنّ خبرا بلغه هو الذي أخرجه من بيته وفحواه: أنّ شخصا يعرفه جيّدا وقع أسيرا في قبضة قطّاع الطرق بعد فتنة وقعت بين فريقين، وأنّه لم يصبر لذلك فامتطى فرسه وخرج إليه ففكّ إسار الشخص، ثمّ جمع الناس بالمسجد وخطب فيهم بما يذيب الأكباد لإصلاح ذات بينهم.»
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.