طبقات المشائخ بالمغرب – الدرجيني
جلسة يوم 02/02/2011م الموافق ليوم 28 صفر 1432هـ
بسم الله الرحمن الرحيم. وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله. عونك اللهمّ وتأييدك.
أيّها السادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتحيّة من عند الله مباركة طيّبة، ورحمة منه تعالى تجمع شملنا وتلمّ شعثنا وتصلح بها ذات بيننا.
أيّها السادة إطلالتنا اليوم ستكون بحول الله من كتاب “طبقات المشايخ بالمغرب”، لأبي العبّاس أحمد بن سعيد الدرجيني رحمه الله.
لقد سبق لنا بعضَ إطلالات في جلساتنا هذه أن تناولنا من هذا الكتاب التاريخي الهامّ من بين كتب السيرة والتراث الإباضي.
واليوم اخترتُ قصّة أو حادثة هامّة من سيرة أولئك المشايخ رحمهم الله، تجسّم مدى تعلّق أولئك المشايخ بإقامة دين الله ومحاسبة أنفسهم، والوقوف عند حدود الله في حياتهم الاجتماعية مهما كانت الظروف وتقلّبات الدهر.
والقصّة أو الحادثة من جانب آخر تجسّم المعاناة والشدائد، والأعاصير التي واجهوها بصبر وثبات وتضحيات جسام، وكلّ شيء يهون عندهم في ذات الله والظفر برضاه ورحمته التي أعدّها الله للمتّقين.
يقول الشيخ الدرجيني في كتابه الجزء 2، صفحة 257، نقلا عن سير الوسياني:
«وذكر أبو الربيع الوسياني قال: أغارت غارة لبني توجين على رأس وادي أريغ فساقت غنمهم، فاتّبعتهم عدّة من المشايخ، منهم ماكسن، وأبو العبّاس الوليلي، وعيسى بن يرصوكسن، وعبد الله الدمري، فلم يلتحقوا بهم إلاّ عند أحيائهم، فلبثوا مدّة يستردّون حتّى استردّوا الغنم بجملتها.
وما استردّوها إلاّ وقد نفدت أزوادهم أو كادت، قيل: وكانت فيهم عجوز مرابطة، وقد اطّلعت على حال المشايخ وعلمت أنّ أزوادهم نفدت، وأنّ طعام قومها لا يرون أكله تورّعا، فرغبت إليهم أن يأذنوا لها في أن تعالج لهم طعاما من مالها، فأجابوا رغبتها، فاستعملت طعاما، ولمّا حان وقت صلاة المغرب وصلّوا، جاءتهم العجوز تسألهم عن مسائلها، والشيخ أبو العبّاس الوليلي حينئذ يركع ولم يتفرّغ من ركوعه، فعاد كلّما سلّم من ركعتين قال لهم: أبعدوا العجوز عنكم واطردوها عن أنفسكم، ولم يفطنوا لِما أراد، حتّى سألتهم: ما تقولون في قومي هؤلاء إذا غاروا غارة وغنموا وأخذوا وأعطوني زكاة ما أخذوا، فهل عليّ لذلك من حرج؟ قالوا: إذن فأنت على هذا الحال المذمومة يا عجوز، أبعدي عنّا، فقال لهم أبو العبّاس: ألم أقل لكم من قبل: أبعدوها عن أنفسكم، فانصرفت ولم يذوقوا طعامها.».
والشيء بالشيء يُذكر. وممّا نقلنا عن السلف الصالح في قرى وادي مزاب أنّ أهل البادية إذا وقعت بينهم غارة فنهبوا لبعضهم بعضا تُعلن عزّابة المساجد حِرمة الشراء والتبايع معهم لمدّة حتّى يتحقّقوا أنّ ما أتوا به إلى أسواق القرى في مزاب ليس من ذلك النهب وتلك الإغارة، وقال الشيخ الوسياني: «وقد قالت العلماء: إذا دخلت الريبة في السوق فدعْ الشراء منه ثلاثة أيّام ثمّ تشتري منه بعد ذلك.».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.