موقع الشيخ طلاي

Menu

روائع محمد إقبال

الجلسة الخامسة:11فيفري2015م الموافق ليوم: 21ربيع الثاني1436هـ

أيّها السادة الأعزّاء، أيّها الأساتذة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

جلستنا في هذه الأمسية المباركة ستكون من نفس الكتاب الذي أخذنا منه موضوع الجلسة السابقة، وقد وعدتكم أن نعود إلى الكتاب في جلسة من جلساتنا.

أذكِّركم بالكتاب عنوانه “روائع إقبال”، صدر أخيرا عن دار وحي القلم، بتاريخ 2015.

عنوان الموضوع “برلمان إبليس“.

يقول صاحب الكتاب في ديوان محمّد إقبال الأخير “أرمغان حجاز”، أي هدية الحجاز قصيدة بديعة، وصف فيها وصوّر جلسة برلمانية حضر فيها شياطين العالم، ووكلاء النظام الإبليسي، واستعرضوا فيها الاتّجاهات والحركات والمذاهب السياسية العصرية التي تهدّد مهمّتهم في العالم.

« وترأّس هذه الجلسة وأشرف عليها “إبليس”، فحكم على هذه الآراء والدراسات، وعارض أكثرها في ضوء تجاربه الواسعة، وبُعْد نظره الذي لا يشاركه فيه أحد من تلاميذه، وأدلى برأيه الحصيف المؤسَّس على الدراسة الواسعة العميقة، وهو يتلخّص في: أنّ المسلم هو المنافس الوحيد والمصارع الكفؤ لنظامه. وهي الشرارة التي تتحوّل نارا بسرعة؛ فالمصلحة والرأي أن يركّز (الزملاء) تفكيرهم على محاربة هذا العدوّ، أو إلهائه وتنويمه.

وقد جاء في هذه القصيدة من الوصف الصادق الدقيق للمسلم، ومن الملاحظات الصائبة الدقيقة عن كثير من المذاهب السياسية وزعمائها، ما يفيد الاطّلاع عليه، وإليكم محضر الجلسة.

« إنّ الشياطين وزملاء إبليس وأعوانه اجتمعوا في مجلس شورى، وتباحثوا في سيْر العالم وأخطار الغد وفتنه، وما يتوجّسون من خيفة على نظامهم الإبليسي ومهمّتهم الشيطانية،

فتذاكروا في فتن وأخطار قد أحدقت بهم وهدّدت نظامهم، وجلّلوا خطبها وتناذروا شرّها؛ فذكّرهم أحدُهم “الجمهورية” وحسب لها حسابا كبيرا، فقال الثاني: لا يهولنّك أمرها، فإنّها ليست إلاّ غطاء للملوكية، ونحن الذين كسونا الملوكية اللباس الجمهوري، إذ رأينا الإنسان بدأ ينتبه ويفيق، ويشعر بكرامته، وخفنا ثورة على نظامنا قد لا تُحمد عاقبتها، فألهيناه بلعبة الجمهورية، وليس الشأن في الأمير والملك…

فقال الآخر: لا بأس إذا بقيت روح الملوكية، ولكن ماذا يقول النائب المحترم في هذه الفتنة الدهماء التي أثارها هذا اليهودي الذي يُدعى “كارل ماركس”…

فقال الآخر مخاطبا رئيس المجلس: يا صاحب الفخامة إنّ سحرة أوروبا، وإن كانوا مريديك المخلصين، ولكن لم أعد أثق بفِراستهم، ها هو السامري اليهودي الذي هو نسخة من “مزدك” (الزعيم الفارسي الاشتراكي) قد كاد يأتي على العالم بقواعده، فاستنسر البغاة وأصبح الصعاليك يزاحمون الملوك بالمناكب، ويدفعونهم بالراح (أعلام أرض جُعلت بطائحًا)، إنّا قد استهنّا بخطب هذه الحركات الاشتراكية، وها هي قد استفحلت وتفاقم شرّها، وها هي الأرض ترجف بهول فتنة الغد.

يا سيّدي إنّ العالم الذي كنتَ تحكمه سينقضّ عليك، وينقلب نظام العالم ظهرا لبطن.

فتكلّم رئيس المجلس “إبليس” وقال: إنّي أملك زمام العالم، وأتصرّف به كيف أشاء، وسيرى العالم عجبا، إذا حرّشتُ بين الأمم تهارشت تهارش الكلاب، وافترس بعضها بعضا فعل الذئاب؛ وإذا همستُ في آذان القادة السياسيين، وأساقفة الكنائس الروحانيين فقدوا رشدهم وجُنّ جنونهم…

وإن كنتُ خائفا، فإنّي أخاف أمّة لا تزال شرارة الحياة والطموح كامنة في رمادها، ولا يزال فيها رجال تتجافى جنوبهم عن المضاجع، وتسيل دموعهم على خدودهم سَحَرا؛ لا يخفى على الخبير المتفرّس أنّ الإسلام هو فتنة الغد !، وداهية المستقبل، ليست الاشتراكية.

أنا لا أجهل أنّ هذه اّلأمّة قد اتّخذت القرآن مهجورا، وأنّها فُتنت بالمال، وشَغَفَتْ بجمعه وادّخاره كغيرها من الأمم. أنا خبير بأنّ ليل الشرق داجن مُكْفَهِرٌّ، وأنّ علماء الإسلام وشيوخه ليست عندهم تلك اليد البيضاء التي تُشْرِق لها الظلماتُ ويَضيء لها العالَم؛ ولكنّي أخاف أن قوارع هذا العصر وهزّاته سَتَقُضُّ مضجعها، وتوقظ هذه الأمّة، وتوجّهها إلى شريعة محمّد صلى الله عليه وسلم…».

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.