موقع الشيخ طلاي

Menu

رحابة صدر

جلسة يوم  16/03/2011م الموافق ليوم 11 ربيع الثاني 1432هـ

أيّها الإخوة الحضور، أيّها السادة محبّي الثقافة والمعرفة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إنّنا أيّها الإخوة نعيش دوّامة من الأحداث، وتتهاطل علينا الأنباء كلّ صباح بما يشاهده العالَم العربي من الاضطرابات والمظاهرات والاعتصامات على المستوى المحلّي أو الدُّوَلي.

كلّها تصبّ في إطار طلب التغيير، واعتزال الرئيس، وعلّة ذلك وسببه تشبّث ذلك الرئيس لفترة طويلة بمنصبه وتغيّر العالم من حوله، وهو لا زال بطاقمه وحاشيته جاثم على التسيير والحكم.

تُرى، ما سبب هذا العناد وهذا الإصرار على الحكم رغم النداءات والاضطرابات ؟

صدفة تصفّحت كتابا من كتب الأدب فإذا أنا بنصّ من النصوص الأدبية في هذا الكتاب يتعرّض لتوضيح وبيان علّة ذلك الإصرار، وموجب ذلك التشبّث عند أولئك الرؤساء والأمراء، وإليكم النصّ من كتاب المشوِّق في المطالعة والأدب، ص276، والنصّ للأديب المشهور مخائيل نعيمة.

« رحابة الصدر.

قال لُقمانُ لابنه عند تولِّيه الحُكم في جزائر واقِ الواق:

يا بنيّ؛ ثلاثٌ لا يستقيمُ معها حُكْمٌ لحاكمٍ: أن يحبّ الحُكم فوق حُبّه للمحكوم، وأن يُخضعَ العدل للقانون، وأن يَضيق صدرُه بمُعارضيه؛ والأخيرة هي الأهمّ.

وثلاثٌ لا يستقيم بدونها حُكمٌ لحاكم: أن يحبَّ المحكوم فوقَ حُبّه للحُكم، وأن يُخضع القانونَ للعدل، وأن يتَّسعَ صدرُه لمعارضيه؛ والأخيرة هي الأهمّ.

لئن اكتملتْ لك كلُّ الصفاتِ الحميدة، يا بنيَّ، إلاّ رحابَة الصدرِ بقيتَ ريشَةً في مهبِّ الريحِ، وأُلْعوبةً في أيدي محكوميك.

ورحابة الصدر تعني الصبرَ الجميل على المعارضة من أيّ نوعٍ كانت، ومن أيّما مصدرٍ جاءت، كما يُتاح لك أن تقوِّم اعوجاجك، أو أن تقوِّم اعوجاجها إذا كانت مُعْوَجَّة وكنتَ مستقيمًا.

أمّا أن تحاول القضاء على كلّ معارضةٍ فأمرٌ أُعيذُك منه، يا بنيّ، لأنّه فوق طاقتك وطاقة أيّ إنسان، ومن ثَمّ فأنتَ بغير معارضةٍ جَوادٌ بغير لِجامٍ، ومَرْكبٌ بغير شراع.

حذارِ ثمّ حذار، يا بنيّ، أن تَزْدري أيَّ إنسانٍ من الناس، فقد يَسْتنْسِرُ البُغاثُ، وقد تَسْتَاْسدُ الثعالب، والبُغاثُ إذا استنْسرَ كان أحدَّ مِخلَبًا وأقْوى مِنْسَرًا من النسور، والثعالبُ إذا استَأسَدَتْ كانت أشدَّ بأسًا وأفظَعَ بطْشَا من الأسود. وأنت في الواقع لا تعرفُ أيُّ الناس هم البُغاث والثعالب، وأيّهم النسورُ والأسود، لذلك أُوصيك برحابة الصَّدر تجاه الأقوياء والضعفاء بالسَّواء.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.