خط الاستواء – أبو يعقوب الورجلاني
الجلسة الثامنة:4مارس2015م الموافق ليوم: 13جمادى الأولى1436هـ
أيّها السادة الأعزّاء السلام عليكم ورحمة الله.
أحيل الكلمة في جلستنا هذه إلى الأستاذ البحّاثة المنير بن عبد الحميد بن سعدون، يقدّم لنا شيئا عن دراسة له هامّة عن الشيخ الجليل أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الورجلاني المتوفى سنة 570ه/1175م؛ فليتفضّل مشكورا.
” اكتشاف وبلوغ خطّ الاستواء من طرف علماء المسلمين”
أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتيالوارجلاني الجزائري
في عام1936م، شُيِّد نصب تذكاري قرب كيتوعاصمة الإكوادور إحياءً لذكرى مرور 200سنة على مجيء تلك البعثة الفرنسية التي أُرسلت عام1736م إلىما يُعرف اليومبالإكوادور، أي إلى خطّ الاستواء في إمريكا الجنوبية. وقد بُني على الخطّ الذي حدَّد العلماءالفرنسيون في القرن الثامن عشر موقعه على دائرة عرض صفر، أي على خطّ الاستواء.
وحتىيومنا هذا، يسافر عدد لا يُحصى من السيّاحلزيارة النصب، الذي دُعيّ «وسط العالم». فهناك، بإمكانهم أن يقفوافوق خطّ الاستواء ويضعوا في آن واحد قدما في النصف الشمالي من الكرةالأرضية وأخرى في النصف الجنوبي.فكيف كان الواقع في القارة القديمة إفريقيا؟
فالواقع أنّ اكتشاف وبلوغ خطّ الاستواء قد وقع من طرف علماء الإسلام منذ القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي، عندما وصله الرحالة الشيخ أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتيالوارجلاني، (و: 500هـ/ 1105م، ت: 570هـ/ 1175م)، وهو علَم من أشهر علماء الجزائر، ترك بصمات بارزة في التراث والمكتبة الإسلاميّة. ولد بسدراتة، من قرى وارجلان؛ نشأ فيها، وتنقل في رحلات علميّة، إلى الأندلس أين أكمل دراساته العليا، ثمّ إلى المشرق العربي للاستزادة من علم المنقول عند علمائه ولأداء مناسك الحجّ.
كما قام برحلات استكشافية ودعويّة إلى الإسلام في أدغال إفريقيا، حيث سجّل اكتشافه لتساوي الليل والنهار، وأظهر اهتمامه وتمكّنه من علم الجغرافيّة، الذي يتناول دراسة البيئة الطبيعية لكوكب الأرض، ويتناول جميع الظاهرات الجغرافية التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وليس للإنسان أيّ دور في نشأتها، وتختصّ بدراسة الأغلفة الأربعة للكرة الأرضيّة، وهي الغلاف الصخري، والغلاف الجوي، والغلاف المائي، والغلاف الحيوي.
وقد دوّن تفاصيلها، بأسلوب علميّ يعتمد على الملاحظة والوصف والشرح والتحليل لظاهرات هذا السطح وتوزيعها وسلوك إنسان تلك المناطق، بأمثلة واقعيّة مثيرة، نشرها في كتابه ” الدليل والبرهان”.
نسبه ومكان نشأته
هو العلامة المتبحّر أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتي، المشهور بالوارجلاني(و: 500هـ/ 1105م، ت: 570هـ/ 1175م، نشأ وترعرع في مدينته سدراته، التابعة لكورة وارجلان.
سدراته، هذه المدينة المقترن اسمها باسم وارجلان، كانت لها أيّام زاهرة بالتوازي مع أيّام الفردوس المفقود الأندلس، وبلغ مستواها الحضاري مدى ضاهت به ما في الأندلس، كما عبّرت عن ذلك باحثة الآثار السويسريّة السيّدة ” مارغريت فان برشم “، عندما أشرفت على عمليّة البحث عن حفريات في منطقة سدراته، سنوات الخمسينات من القرن الماضي، فاستخرجت تحفا أثريّة معماريّة، خُصّص لها جناح خاصّ في المتحف الوطني الجزائري بالعاصمة الجزائر باسم آثار سدراته وارجلان، والتي أكّدت وجود السكان في المنطقة منذ فجر الإسلام، الذين نهضوا بحضارتها في مختلف الفنون التي اشتهرت بها الدولة الرستمية.وقد تعرّضت للتخريب من طرف يحي بن غانية الميورقي سنة 626ه/1226م.
اكتشافه لخطّ الاستواء
في كتابه الدليل والبرهان نقرأ هذا العنوان: الإشارة إلى الأقاليم السبعة وخطّة الاستواء، يذكر بعده ما يلي: «فإنّ الأرض واسعة وفي الأقاليم سعة، والأقاليم السبعة معمورة ببني آدم، ومن وراء الأقاليم خطّ الاستواء أيضا معمور، وقد وصلت أنا بنفسي إلى قريب من خطّ الاستواء، وليس بيني وبينه إلاّ مسيرة شهر، وكاد أن يستوي الليل والنهار فيه أبدا، وإنّما وصلنا إلى قريب منه».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.