موقع الشيخ طلاي

Menu

حياة بلا توتر – إبراهيم الفقي

الجلسة الثامنة والثلاثون: 26/12/2012م الموافق ليوم 13 صفر 1434هـ

أيّها الأساتذة، أيّها الأحبّة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إطلالتنا في هذه الليلة ستكون من كتيّب صغير للدكتور المحاضر العالمي إبراهيم الفقي.

دخلتُ مع أستاذ من الأساتذة مكتبة دار السلام بنهج أوّل نوفمبر، فاسترعى انتباهي كتيّب صغير لهذا المحاضر العالمي، بعنوان: حياة بلا توتّر؛ وطُبع حديثا سنة 2009؛

فقلتُ للأستاذ: ما أحوجنا إلى ما يدعو إليه هذا الدكتور الشهير والمحاضر العالمي، الذي جمع بين علم النفس والبرمجة اللغوية والعصبية، مع الإنصاف والتفتّح إلى ما يدعو إليه الإسلام، وخاصّة الإيمان بالله الذي بيده الخير كلّه.

يقول الدكتور في صحيفة 9:

«كان أحد الشبّان شغوفا لأن يعرف سرّ السعادة، فسأل كثيرا من الناس، إلى أن نصحه أحدهم بزيارة قرية معيّنة في الصين، بها رجل حكيم طاعن في السنّ سيدلّه على سرّ السعادة، وبدون إضاعة وقت استقلّ أوّل طائرة متوجّهة إلى الصين، حيث كان شديد الحماس للوقوف على سرّ السعادة، ولمّا وصل أخيرا القرية، قال لنفسه: «الآن سأكتشف السرّ الذي كنتُ أبحث عنه لمدّة طويلة».

ووصل إلى بيت الحكيم الصيني وطرق الباب، ففتحت له سيّدة كبيرة في السنّ، ورحّبت به وأخذته إلى الصالون، وطلبت منه الانتظار، وطال انتظاره لأكثر من ثلاث ساعات أحسّ فيها بالغضب الشديد من إهمال صاحب البيت له، وأخيرا ظهر الرجل الحكيم بمظهره البسيط وملابسه المتواضعة جدّا، وجلس بوقار إلى جانب الشاب، وسأله -وعلى وجهه ابتسامة- عمّا إذا كان يرغب في تناول قليلا من الشاي، وكان الشاب في تلك اللحظة على وشك الانفجار، قائلا في نفسه: «لقد تركني هذا الرجل العجوز أكثر من ثلاث ساعات بمفردي، وأخيرا حينما ظهر لم يعطني أيّ مبرّر لتأخّره، ولم يعتذر عن ذلك، والآن يسألني بكلّ بساطة عمّا إذا كنتُ أرغب في تناول الشاي».

وبينما كان الشاب منهمكًا في التفكير في ذلك كان غضبه يزداد، حتّى سأله الرجل مرّة أخرى بهدوء عمّا إذا كان يريد أن يتناول قليلاً من الشاي، فردّ عليه الشاب بعصبية قائلا: «نعم، أريد أن أتناول الشاي»، فطلب كوبا من الشاي وجلس بهدوء إلى جانبه، ولمّا حضر الشاي سأل الرجلُ ضيفَه: «هل تريد أن أملأ لك كوبًا من الشاي؟»، فردّ عليه الشاب بالإيجاب، فصبّ الحكيم الشاي في الكوب، وما زال مستمرًّا في صبّ الشاي إلى أن نهض الشاب واقفًا، وانفجر في الحكيم قائلا: «ألا ترى أنّ الكوب قد امتلأ إلى آخره، وأنّ الشاي قد سال خارجه وملأ المكان؟»، فردّ عليه الحكيم، وقال بابتسامة هادئة: «أنا مسرور، لأنّك استطعتَ أن تقوم بالملاحظة أخيرا»، ثمّ أردف قائلا وقد نهض من مكانه: «لقد انتهت المقابلة»، فصرخ الشاب في وجهه قائلا: «ماذا تقول؟ لقد سافرتُ كلّ هذه المسافة، وتركتني في انتظارك أكثر من ثلاث ساعات، وملأتَ كلّ المكان بالشاي وسال على الأرض، والآن تقول لي: إنّ المقابلة انتهت، هل أنتَ تمزح معي؟».

قال الحكيم: «اسمعْ يا بنيّ، يجب أن تأتي لي مرّة أخرى عندما يكون كوبك خاليًا»، فسأله الشاب عمّا يقصده بذلك، فردّ الحكيم الصيني قائلا: «عندما يكون الكوب مملوءًا بالشاي فلا يمكن أن يستوعب أكثر من ذلك، وبناءً عليه، إذا استمررتَ في أن تصبّ فيه أكثر ممّا يمكنه أن يستوعب فإنّك ستتلف الكثير من الأشياء حولك، وهذا أيضا ينطبق عليك، فإنّك عندما استمررت في غضبك أصبح كوبك مملوءًا إلى آخره، وأخذتَ تصبّ فيه أكثر إلى أن زاد غضبك، وأصبحتَ عصبيا أكثر من اللازم، والنتيجة هنا أيضا عبارة عن خسارة كبيرة».

وبعد ذلك أوصله إلى الباب وقال له: «إذا أردتَ أن تكون سعيدًا يا بنيّ، فتعلّم كيف تتحكّم في شعورك وتقديراتك، وتأكّد دائما أن يكون كوبك خاليًا، فهذا هو مفتاح السعادة».»

هذه القصّة مع هذا الرجل الصيني الحكيم تذكّرني بموقف لرسول الله r، ذلك أنّ صحابيا أراد أن يسافر، (أعني أن يعود إلى أهله)، فطلب من رسول الله r أن يزوّده بنصيحة، والرسول r لاحظ منه أنّه سريع الغضب حسبما يبدو لي، فقال لرسول الله r: أوْصِني يا رسول الله؛ فقال له: «لا تغضب»، فجدّد الصحابيّ الطلب كأنّه استقلّ هذه النصيحة، فقال له للمرّة الثالثة: «لا تغضب ولكَ الجنّة».

وقال عليه السلام في حديث آخر: «اتّقوا الغضب فإنّه جمرة توقَد في قلب ابن آدم، أَلَمْ تَرَ إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عيْنيْه». رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.