موقع الشيخ طلاي

Menu

بني يزقن من خلال المجتمع اليسجني

الجلسة السادسة عشر : 08/05/2013م الموافق ليوم 27 جمادى الثانية 1434هـ

أيّها السادة الحضور، محبّي الثقافة والمعرفة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

صبيحة هذا اليوم فكّرتُ فيما سأُتحفُكم به في جلستنا في هذه الأمسية، وفي أيّ موضوع ستكون إطلالتنا، ونحن مع هذه الأمواج المتلاطمة من الدعوة إلى التغيير؛ ماذا نغيّر، وإلى أيّ حدٍّ؟

ومن الدعوة إلى الحرية، وكيف؟ أو الحرية المسؤولة، وفي أيّ شيء تكون الحريّة؟

دُقّ الجرس ففتحتُ الباب، فسُلّم إليّ كتاب جديد للأستاذ والصديق المخلص الحاج سعيد يوسف؛ فتصفّحته بسرعة، فإذا في الموضوع الذي شغلنا به شئنا أم أبَيْنا؛ آخذٌ منه مقتطفات في المقدّمة تُشيد بالذين يدعون ويعملون للبناء الحضاري والتنمية المستديمة لهذا الوطن العزيز، والتمسّك بالروح الإسلامية البنّاءة التي تأبى الفساد والفوضى، والحذر من العمل لتحقيق المآرب العاجلة، وانتهاز الفرص وركوب أيّة موجة آنية مهما كان مؤدّاها.

فمثل هذه الموجة إن حقّقت مآرب شخصية آنية، ولكنّها على حدّ قوله تعالى: (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتـُثـَّتْ مِن فَوْقِ الاَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ)

الكتاب من إصدارات 2013 من مطبعة الآفاق.

يقول الأستاذ في مقدّمة الكتاب: يكتفي بعض المواطنين باستغلال ما تقدّمه له الدولة من الخدمات، دون أن يفكّر في المساهمة في تطوير نمط عيشه وتحسين المستوى الحضاري لمجتمعه. لكنّ هناك مناطق عديدة في  الجزائر، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، يتمتّع أهلها بالحسّ المدني، فتراهم يسعون في تسخير مؤهّلاتهم وإمكاناتهم لفائدة محيطهم البشري، مستنيرين بقيَم التعاون والتضامن التي ورثوها من آبائهم وأجدادهم، مضيفين إلى مجهود الدولة ثمرة مبادراتهم في الميادين الثقافية والاجتماعية.

من جملة هذه المناطق، بلاد مزاب التي حظيت بموروث ثقافيّ واجتماعيّ، متمثّل في مؤسّسات عريقة، أثبتت فعاليتها ونجاعتها: النظام العشاشري، حلقة العزّابة، التعليم الدينيّ.

لقد وعت السلطات العليا المتعاقبة منذ الاستقلال على الدولة الجزائرية، القيمة الحضارية لهذه المؤسّسات، فوفّقها اللهُ لتتولّى رعايتها ومساندتها، باعتبارها مكسبا وطنيا يجب الحفاظ عليه وتثمينه.

من بين المدن المزابية السبع، بلدة بني يزقن، أقدّمها في هذا البحث نموذجا لأخواتها، مركّزا على الدور الإيجابيّ الذي يضطلع به المجتمع المدني في هذه البلدة العريقة، تجسيدا لقيَم الاعتماد على النفس، الارتباط الوثيق بالجماعة، حفظ الأمانة، التعاون والتضحية للصالح العامّ، الصرامة والجديّة والانضباط وإتقان العمل.

يشتمل البحث أساسا على شطرين: المؤسّسات العرفية والحركة الجمعوية. وكلاهما مكمّل لمؤسّسات الدولة وليس بديلا عنها، وهي جميعها امتداد للمجتمع الجزائري في الماضي وملاذها في الحاضر وعدّتها في المستقبل.

والبحث يعطي صورة عن المجتمع المدنيّ في هذه البلدة، عام 2012م، وليس وثيقة تاريخية، إلاّ بقدر ما يساعد القارئ على إدراك جذور الهيئات العرفية ومؤسّساتها.

ومن نافلة القول الإشارة إلى أنّ المجتمع اليزقني مجرّد مجتمع بشريّ، لا يخلو من نقائص ومعايب، فليكن هذا البحث مناسبة للتقويم والوقوف على المثالب بغرض التصحيح والتعديل والتحسين.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.