موقع الشيخ طلاي

Menu

الحمار وزير الأسد

الجلسة الخامسة عشر : 01/05/2013م الموافق ليوم 20 جمادى الثانية 1434هـ

أيّها السادة الحضور، محبّي الثقافة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أوّل كلمة أوجّهها إليكم أيّها السادة تهنئة وتمنّيات سعيدة بمناسبة عيد العمّال الذي تحتفل به الدول المتحضّرة في هذا العالم.

ولولا أنّ لهذا العيد تاريخ حافل وثقيل بتضحيات العمّال لمقاومة الاستغلال اللامشروع واحتقار الضعفاء، فأقيم هذا اليوم عيدًا لهم عندما استمع الأقوياء إلى صراخهم ودموعهم؛ لولا هذه اللفتة الإنسانية لَما احتفلنا به، والرسول عليه السلام نفسه يدعو الله تعالى أن يهب له حبّ المساكين في حديث «اللهمّ إنّي أسألك حبّ الخيرات وترك المنكرات وحبّ المساكين».

ولا تحرجوني بقولكم، وهل العمّال في أيّامنا هذه من المساكين.

أيّها الإخوة السادة الحضور، إنّني في هذا الشهر بالخصوص بل هذه السنة لا نسمع من الأخبار، ولا ترِدُ علينا من الأنباء إن صدْقًا وإن كذبا إلاّ ما يبعث الأسى ويعصر القلوب حزنًا ودمًا، فملتُ إلى تحضير دردشة أو إطلالة من النوع الأدب؛ والأدب عامّة متنفّس فسيح للقلوب والعواطف الإنسانية.

وما اخترته يمكن أن يكون من الأدب الرمزي، أو الخرافي، أو الهادف، أو مجرّد أضحوكة لمن يريد أن يقف على حدِّ الضحك والأحاجي.

قصيدة بسيطة للأديب الكبير أحمد شوقي.

يتحدّث عن أسد طلبت منه الوحوش أن يولّي عليهم وزيرا يضبط أمور الرعية، لأنّ الأسد سلطان ومَلِك بقية وحوش الغابة، فأدّته حكمته إلى تولية حمار وزيرًا عليهم لعلّه يضع حدّا للفوضى التي تعيش عليه الرعية، والحكمة تقول:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم      ولا سراة إذا جهّـالهم سـادوا

انظر: كتاب التعريف بالأدب العربي لرئيف الخوري، ص199:

 

لِلَيْثٍ ملْك القفار              وما تَضُمُّ الصحاري

سَعَتْ إليه الرعايا              يومًا بِكُلِّ انكسار

قالت: «تعيش وتبقى          يا دامي الأظفار

مات الوزير ! فَمَنْ ذا         يَسُوسُ أمْرَ الضواري؟»

قال: «الحمار وزيري !               قَضَى بهذا اختياري»

فاسْتَضْحَكَتْ ثمّ قالت:               «ماذا رأى في الحمار !؟»

وخلفته وطَارَتْ               بمضحك الأخبار

حتّى إذا الشَّهْرُ وَلَّى           كَلَيْلَةٍ أو نَهار

لم يشعر الليْثُ إلاّ             ومُلْكُه في دمار

القردُ عند يمينٍ،                       والكلْب عند يسار

والقِطُّ بين يديْه                        يَلْهو بِعَظْمَةِ فأر

فقال: «مَن في جدودي               مِثلي عديم الوقار؟

أيْنَ اقتداري وبَطْشي          وهَيْبَتي واعتباري؟»

فجاءَهُ القِرْدُ سِرًّا              وقال، بعد اعتذار:

«يا عالي الجاهِ فينا،            كُنْ عالي الأنظار

رَأْيُ الرعيَّة فيكم              مِنْ رَأْيِكُم في الحمار».

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.