موقع الشيخ طلاي

Menu

المرأة النفوسيّة – الأستاذ ابن سعدون المنير

الجلسة العاشرة: 07/03/2012م الموافق ليوم 14 ربيع الثاني 1433هـ

بسم الله الرحمن الرحيم  وبه نستعين  والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

إخواني الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، في هذه الحصة، وشيخنا الفاضل المحترم، غائب عنا في سفر، نسأل الله له السلامة والستر، إطلالتنا هذه الأمسية ستكون بحول الله وقوّته، حول المرأة النفوسيّة –جبل نفوسة-، قديما وحديثا، فنقول:

المرأة النفوسيّة

تمهيد

” إنّ للمرأة رسالة في الحياة، وللرجل رسالة، وكما لا يحق للرجل أن يزاحم المرأة على رسالتها، كذلك لا يحق للمرأة أن تزاحم الرجل على رسالته، إنّه قد يطلب من أحدهما أن يساعد الآخر في ظروف خاصة تستدعيها طبيعة الحياة، أمّا أن يأخذ أحدهما أعمال الثاني ويجلس في مكانه فذلك مخالف للفطرة التي فطر الناس عليها “.

لقد كان للمرأة الإباضية الدور المنوط بها كمسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر قولا وعملا، فسجلت نفسها في التاريخ الإسلامي بمداد من ذهب، ولنا في المرأة النفوسية النموذج الحي لذلك، منها:

1-             زينب اللالوتية، متمسكة بأشدّ ما يمكن من حجاب المرأة، ولم يضعها ذلك أن تعيش في عصرها وتعرف مجتمعها وتتبع الحركات التي تقع في كامل الجبل، فتشارك بالرأي والكلمة الحسنة والدعوة إلى الخير، بلغها أمَة الواحد، زوجة أبي عامر التصراري، أعلنت شيئا مما تحرص النساء على إخفاءه، فبعثت إليها تقول في توبيخ عنيف ونهي على المنكر شديد: ” لو أمكن لنا أن نستر قبورنا بين القبور لفعلناه “. فاستجابت لها هذه المرأة، وتابت من عملها ذلك، وبعثت إليها تعتذر.

هكذا فقد كانت المرأة في ذلك العصر حيّة شاعرة متّصلة بالأحداث التي تقع في وطنها، ولم تكن في زاوية من البيت يقيد الجهل لسانها، ويملأ الفراغ عليها يومها، وتشحن الخرافات عقلها، وتشغل الصغائر ذهنها كما هو الحال عند المرأة اليوم “.

2-             أمُّ سحنون اللالوتية:(ق: 4هـ / 10م)، إحدى فذَّات النساء ببلدة لالوت في جبل نفوسة بليبيا. عالمة ناصحة، كثيراً ما يزورها المشايخ للاِستفادة من علمها ونصحها، فقد كانت على حدِّ تعبير الشمَّاخي: «أفضل عجوز بالجبل». [ ويطلق لفظ عجوز مقابلا للفظ الشيخ في العلم والمكانة ]. فجاؤوها من مدن: يفرن وجادو وشَرْوَس.

تركت أقوالاً مأثورة في الحكمة ذكر بعضها كُتَّاب السير.

3-             العالمة زورغ الأرجانية التي قيل عنها: «معها ثلث علم أهل الجبل»، وكذا العالمة النفوسية          تكسليت أمُّ يحيى. تلميذتا الشيخ أبان بن وسيم أبي يونس بن نصر الوِيغْوِي النفوسي (أبو ذر)، (ط5: 200-250هـ / 815-864م). الذي فتح منزله للنساء مدرسة يقصدنها للتفقُّه في الدين، وكانت زوجه يَالُوت قرينة له في الخير.

4-             بهلولة النفوسية، (ق: 3هـ / 9م)، اِمرأة فاضلة، أخذت العلم في حلقة أبي ذرٍّ أبان بن وسيم الويغوي، وكانت هذه الحلقة تعقد في بيت هذه المرأة التي وصفت بالصلاح والتفقُّه في الدين. وتقديراً لها ولمجهوداتها في طلب العلم ونشره، تزوَّجها الشيخ أبو ذر، وسألها يوماً عن النساء اللائي يقصدن مجلسهما، ولمَّا أخبرته بكثرتهن طلب منها الزيادة في الزيت والفتيلة.

5-             نانا مارن، (قيد الحياة بين: 171-208هـ / 787-823م)، إحدى النساء الفُضليات في جبل نفوسة، أنجبت مشايخ أجلاَّء. وكانت عالمة ذكية خبيرة بدقائق الفقه والأحكام. يرجع إليها الفضل في تولِّي العلاَّمة أبي عبيدة عبد الحميد الجناوني ولاية الجبل في عهد الإمام عبد الوهَّاب بن عبد الرحمن بن رستم (حكم: 171-208هـ/ 787-823م)، فقد أبى أبو عبيدة المنصب، ثمَّ بعد إلحاح مقدَّمي الجبل عليه استشارها، فقالت له: «إن كنت تعلم أنَّ ثمَّة أحدًا أولى به منك ثمَّ تقدَّمت فأنت خشبة في النار، وإن كنت تعلم أنك أولى الناس به ثمَّ تأخَّرت فأنت خشبة في النار». فوجد أن لا محيص إلاَّ تحمُّل الأمانة، والقيام بأمر المسلمين.

6-             أخت عمروس بن فتح، (ق 3ه)، هذه المرأة العاقلة الصالحة، كانت المساعد الأساسي لأخيها في استنساخ مدونة أبي غانم بشر بن غانم الخرساني، لقد أعطت كلّ وقتها للإسراع في نسخ هذا الكنز الثمين، ولولا هذا العمل الفكري لما بقي لنا اليوم ديوان فقهي يعتمد عليه في المذهب.

وعند زيارتنا لنالوت في شهر أفريل سنة 2009م، وجدنا هذه المرأة على عهدها، محافظة ملتزمة، تبحث عن تراثها لتقيمه وتحييه، نعم الذخيرة.

ونشاهد في هذا العرض الضوئي نشاطها المهني داخل بيتها، من نسيج يشبه ما عندنا في مزاب، من أَحُلي: الأبيض، والبني للرجال، والمفروشات التقليدية (تَقدّسْت)، وحلي تقليدي، وألبسة (أتت عليها الحضارة في مزاب)، وأواني، وأطعمة متميّزة: مثل البازين، والخبز.

Categories:   ضيف الموقع, ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.