الفاطميين في المغرب
الجلسة الثالثة عشرة : 6 أفريل 2016م الموافق ليوم: 28 جمادى الثانية 1437هـ
أيّها السادة الكرام، أيّها الأساتذة المحترمون؛ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إنّني أرى أنْ نعود إلى الكتاب الذي تحدّثنا عنه في الجلسة الماضية للأستاذ المحترم الحاج سعيد الحاج يوسف، بعنوان: تاريخ الإباضية في المغرب الإسلامي من القرن الثاني الهجري إلى القرن السابع الهجري.
ونتحدّث عَمَّا سجّله عن الفاطميين وتصرّفاتهم الطائشة عندما أتاح لهم الله تعالى الحكم في المغرب العربي، وذلك لأنّهم إنّما جاءوا إلى المغرب العربي على نية الاستعداد والتمكّن من القوّة، للانتقال إلى مصر.
وقد أتاح الله لهم ذلك، فأسّسوا عاصمة في مصر وهي القاهرة، بواسطة قائد لهم معروف بجوهر الصقلّي.
وتركوا في المغرب العربي مَنْ يحافظ على السلطة وجلْب الخراج لهم، وهم الصنهاجيون: بنو زيري. ولكنّهم تنكّروا للفاطميين، وقطعوا صِلتَهم بهم ودفع الخراج لهم. وهذا شأن الدولة يخلف بعضها بعضا.
وليت الفاطميون اكتفوا بذلك واشتغلوا بما يُنمّي ملكَهم ويحافظ على سلطانهم؛ بل حملهم الحقد وسوء التصرّف على إغراق المغرب العربي بالأعراب؛ أقول الأعراب، لا العرب.
وقد قال الله تعالى عن الأعراب: )الاَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىا رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(.
أعني أنّهم يتصرّفون تصرّف الجهَلَة، الذين ليس لهم من الإنسانية والانضباط ما يجعلهم إنسانيين متحضّرين.
يقول الأستاذ في ص104 من الكتاب:
«تتّفق المصادر على أنّ قطْع الخُطبة الفاطميّة من قِبَل المعزّ بن باديس، والدعوة للخليفة العبّاسي القاسم بأمر الله، ولبْس السواد شعار العبّاسيين، ونشر الرايات السُّود، كان السبب المباشر في إرسال الأعراب من بني هلال بن عامر وبني سُليْم بن منصور إلى بلاد المغرب. وبذلك يتحقّق هدفان:
أوّلهما: التخلّص منهم، إذْ كانوا يغِيرون على الأراضي في صعيد مصر، ويفسدون فيها.
وثانيهما: الانتقام من صنهاجة.
فتح الخليفة الفاطميّ المستنصر بالله (427-487هـ) باب الهجرة من مصر إلى المغرب، وأعطى لكلّ مهاجر منهم دينارا وبعيرا، وأخبرهم أنّه أقطعهم إفريقيّة.
خرجت الحملةُ الهلاليّة الأولى من مصر عام 442هـ/ 1051م، في نحو أربعمائة ألف شخص، فانتشروا في برقة ونواحي قابس وتونس وسوسة، فأكثروا فيها الفساد والنهب. وتكرّرت الوقائع بينهم وبين الأهالي، وتعدّدت النكبات، فتخلّى لهم المعزّ عن القيروان إلى المهديّة، فتعقّبوه إليها.
وقد شهدت البلاد في تلك الآونة من البلايا والأهوال والحروب الأليمة ما جعل كلاًّ من صنهاجة وزناتة وأمراء قلعة بني حمّاد، وأمراء تلمسان من بني خزر، يعجزون عن المقاومة. وفاز هؤلاء الزاحفون من الأعراب بامتلاك أعظم الجهات. فكان لبني سُليْم نواحي المغرب الشرقيّة، ولبني هلال النواحي الغربيّة.
هدّد الهلاليّون الطرق، فعطّلوا الحجّ والتجارة، فأثّر ذلك تأثيرا كبيرا على الحياة الاقتصاديّة في المنطقة، بِما حصل من خراب ودمار للعمران والزرع. لقد نزل بإفريقيّة خاصّة بلاءٌ لم ينزل بها مثله قطّ.
وطال التخريب أيضا المجال الفكريّ، ولم تسلم المكتبات من الإتلاف. فقد أحرق بنو سُليْم وهلال مكتبة مدينة جادو النفوسيّة، وقضوا عليها ضمن غاراتهم الشعواء على الشمال الإفريقيّ.
أهمّ الملاحظات والاستفسارات التي أثيرت بعد عرض الكتاب.
- كيف تمكّنت أسرة مقصوصة الجناح قدمت من المشرق من إنشاء دولة قويّة ببلاد المغرب بعد أنْ قضت على الدويلات السائدة فيه آنذاك؟
- هل كان للفاطميين خطاب ديني مكّنهم من السيطرة والاستحواذ على أفكار السكّان المغاربة؟
- ما هو وجه المقارنة بين نشر الفكر الإباضي ونظيره الدعوة الشيعيّة ببلاد المغرب؟
- ما هي العوامل التي ساعدت هؤلاء الأعراب من السيطرة على الشمال الإفريقي، أهو العدد أم العدّة أو أمر آخر؟
- ماذا ترك الفاطميون بالمغرب العربي؟
ما حظّ المغرب الأقصى من أثر العبيديين؟
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.