موقع الشيخ طلاي

Menu

الخليفة عمر بن عبد العزيز وتوليته إياس بن معاوية قضاء البصرة

جلسة يوم  24/11/2010م الموافق ليوم 18 ذي الحجّة 1431هـ

إخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حديثنا في هذه الليلة سيكون تبعًا لحديث الحصّة ما قبل الماضية بتاريخ 24 أكتوبر.

وقد قلتُ لكم إنّ دولة بني أمية لها بعض جوانب مشرقة، فمن الإنصاف ألاّ نتحدّث عن الجوانب الظالمة التي صدرت من ملوكها فقط.

وتحدّثنا كذلك عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وذكرتُ لكم كذلك أنّ وفدا من جماعة المسلمين أهل الدعوة والاستقامة (الإباضية)، قد اجتمعت به وحادثته فيما كان عليه مَن سبقه من أسلافه، وقد وعدهم أنّه سيعمل بحول الله في كلّ يوم على إحياء سُنّة وإماتة بدعة، وتوقّف الأمر مع الوفد عند هذا الوعد.

ومن محاسنه وأعماله الزكية أن وَلَّى قضاء البصرة -وما أدراكم ما البصرة في تلك الأيام- إياس بن معاوية بن قرّة المزني، وهو من السلف الصالح من أهل الاستقامة.

يحدّثنا صاحب “كتاب طبقات المشايخ بالمغرب” أبو العبّاس أحمد بن سعيد الدرجيني رحمه الله عن تولّي هذه الشخصية، التي يُقال عنها إنّه من أعاجيب الدهر في الفطنة والذكاء، قضاء البصرة من طرف واليها بأمر من الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز،

ونقلا من الكتاب المذكور الذي أعدنا تحقيقه وطبعه على الشكل الذي يتطلّبه التحقيق في سنة 2006، نتابع في ج2، ص43 ما يلي:

«ومنهم إياس بن معاوية، وتُضرب به الأمثال في الذكاء، وتحرّي الصواب في القضاء، أوَ ما سمعتَ قول أبي تمام:

إقدام عمرو في سماحة حاتم     في حِلم أحنف، في ذكاء إياس

ومن طريف ما يؤثَر عنه، ما حكى أبو الحسن بن عبد المحسن التنوخي، أنّه لمّا استخلف عمر بن عبد العزيز كتب إلى والي البصرة أن يحضر إياس بن معاوية المزني، والقاسم بن ربيعة الحوني، ولينظر أيُّهما أنفذ في الحكم يقلِّده إيّاه.

فلمّا وقف على الكتاب أحضرهما، فقرأه عليهما وكان القاسم صديقا لهما، وفطن لِما قصده إياس، فقال: أيّها الأمير لا تسأل عنّي وعنه أحدًا، واسمع منّي ومنه.

قال: قلْ، فقال: بالله الذي لا إله إلاّ هو -وحلف يمينا مستوفية جامعة لمعاني الحلف- إنّ إياس بن معاوية لأَصْلحُ للحكم منّي وأنفذ فيه، فإن كنتُ عندك صادقا فقلّده، وإن كنتُ كاذبا فما يحلّ لك أن تقلّد الحكم بين المسلمين مَن يبارز الله بمثل هذه اليمين كاذبا،

فقال إياس: لا تسمع منه أيّها الأمير، فإنّك حيث جئتَ به إلى شفير جهنّم فافتدى نفسه بيمين حلف بها كاذبا، إن يقع فيها يكفّر عنها ويستغفر الله وينجو،

فقال الأمير: أوَليس قد فطنتَ بها؟ أنت لها يا إياس، وقلّده الحكم بين الناس.».

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.