الأمير عبد الكريم الخطابي
الجلسة الواحدة والثلاثون : 7 ديسمبر 2016م الموافق ليوم: 8 ربيع الأوّل 1438هـ
أيّها السادة، أيّها الأصدقاء والأحبّة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنّنا في الأيّام الأولى من الربيع الأوّل، شهر مولد رسول الله، خاتم النبيّين صلّى الله عليه وسلّم.
وصدق المنشد البوصيري في قوله: ومنتهى القول فيه أنّه بشر * وأنّه خير الخلق كلّهم.
إخواني، لقد تجمّع لديّ عدّة كتبٍ، يمكن أن تكون منها إطلالة لجلستنا.
وفي مجلّة البصائر كلمة هامّة عن المجاهد الأمير عبد الكريم الخطّابي.
يقول صاحب الموضوع في المجلّة:
كان المسلمون في كلّ الأصقاع يستقبلون انتصارات الخطّابي في الريف بدُموع الفرح والاستبشار الشديد، وذلك أنّه كان يجاهد أثناء وبعد إلْغاء الخلافة العثمانيّة على يَدِ أَتَتورْك كما قال عنه مصطفى صادق الرافعي في مقال له بعنوان: كُفْرُ ذبابة.
ربّما تقولون لي: وما دخلنا نحن في السياسة وأنتَ بنفسكَ تتحاشاها في جلساتنا؟
أقول: نعم، الأمرُ كذلك، ولكن أريدُ من الحديث عن جهاد الخطّابي في الريف المغربي، لأنّ جهاده جعلنا نحن المزابيين نتّفق في رفض قضيّة التجنيد الإجباري الذي سلّطته فرنسا الاستعماريّة على شباب الجزائر، ومن جملتهم شباب مزاب.
تقولون لي: كيف كان ذلك؟
أقول لكم: كان يوجد مِنَّا مَنْ يَدعو إلى التجنيد الإجباري، ويراه لفائدة شبابنا، وهؤلاء قِلَّة. وعندما أصبحت فرنسا تُجَنِّدُ الجزائريين لمحاربة إخوانهم المغاربة لِرَدِّ قطعة من أرضهم في الريف، أو لإقامة دولة إسلاميّة خَلَفًا للدولة العثمانيّة -وهذا أمرٌ لا يُطاق ولا يقبله حُرٌّ أَبِيٌّ- افتضح الأمرُ وظهر الصبحُ لذي عينيْن.
فسكتَ أولئك عن دعايتهم ومُغالطةِ العامّة كما يقول المثل: قطعتْ جهيزةُ قولَ كلِّ خطيب.
إخواني، أعود للموضوع حتّى لا يَطغى بيَ القلمُ إلى متاهات السياسة ومظانّـها.
يقول صاحبُ المقال في مجلّة البصائر، عدد 834، المؤرّخ في 4 ديسمبر 2016:
«كان المسلمون يستقبلون انتصارات الخطّابي بدموع الفرح والاستبشار الشديد في الهند وعموم آسيا وإفريقيا؛ وذلك أنّه كان يجاهد أثناء وبعد إلغاء الخلافة العثمانيّة؛ فكانوا يأملون عودتها على يديه.
لكن الكثرة تغلب الشجاعة؛ فجيش عبد الكريم كان عشرين ألفا فقط، وهؤلاء مئات الآلاف ومعهم الطائرات، وكلّ الأسلحة التي هزموا بها ألمانيا وإيطاليا والدولة العثمانية.
وخانت بعض الطرق الصوفية الخطّابي، حيث كانوا يوزّعون منشورات تقول إنّ القتال معه ليس من الجهاد. وخانه بعض رؤساء القبائل الذين اشتراهم الفرنسيون، وكانوا ينهون شبابهم عن القتال مع الخطّابي.
ولم يجد الخطّابي الدعم من الدول العربيّة والإسلاميّة، حيث كانت أكثر الدول العربيّة والإسلاميّة قد سقطت في قبضة الصليبيّين أو الشيوعيّين أو عملائها؛ فلم يجد مفرًّا من التسليم بعد أن بقي في مائتين فقط.
لكن كان التسليم تسليم الأبطال؛ فقد بقي يفاوض للصلح زمانا طويلا، من منتصف سنة 1925م إلى منتصف سنة 1926م، أسنة تقريبا. وكان يرفض الاستسلام رفضًا باتًّا، لكنّه لـمّا استشار المائتين ممّن بقوا معه أشاروا عليه بحقن الدماء…ولـمّا سلّم نفسه للفرنسيين…خانوا عهده…فنفوه إلى جزيرة “رينيون” في المحيط الهادي، شرق مدغشقر لمدّة إحدى وعشرين سنة. وكانوا قد منعوا عنه في السنوات العشر الأولى كلّ وسيلة اتّصال بالعالم الخارجي…فقضى هذه المدّة الطويلة في التأمّل والذكر والدعاء والصلاة. فسبحان الله كمْ يُصبِّرُ عبادَه؛ إذ لو كان غيره لأصابهم الجنون وأمراض نفسية مزمنة. لكنّه الإيمان إذا خالطت بشاشتُه القلوبَ، فيصنع حينئذ ما يشبه المعجزات».
وللعلم؛ فإنّ اسمه: عبد الكريم بن محمّد الخطّابي.
مولده سنة 1882م في أَجَاديرْ بالمغرب الأقصى.
وفاته كانت في القاهرة بمصر، بتاريخ: 6 فيفري 1963م.
تعلّم في جامع القرويين بفاس، وعمل قاضيا قبل أن يعلن ثورته على المحتلّ.
وفيما يلي بعض الآراء والأسئلة التي أُثيرت في الجلسة:
- لماذا نتحاشى السياسة؛ والسياسة كلّ علاقة ولو بين شخصين، وتطوّر هذا التعريف إلى دوائر أوسع.
- من أين حصل على تلك الصفات؟ وما هو اتّجاهه الفكريّ؟ وهل كُتبت عنه مؤلّفات؟
- ما معنى المثل القائل: “قطعت جهيزة قول كلّ خطيب” ؟ وما المراد بـ”كفر الذبابة”؟
- هل أعلن الخلافة لنفسه؟ وهل شاركت العائلة العلوية في ثورة الخطّابي؟
- لماذا بقي جثمانه في القاهرة، رغم كونه زعيما وطنيا قاد ثورة في بلده ضدّ الاحتلال؟
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.