المكتبات منابع أصولنا الحضارية – مجلة حراء
الجلسة الحادية عشر : 27/03/2013م الموافق ليوم 15 جمادى الأولى1434هـ
أيّها السادة الكرام، أيّها الحضور الأعزّاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حديثنا هذه الليلة سيكون من مقال من المجلّة التركية «حِـراء»، في موضوع المكتبات وأثرها على تطوير الثقافة الإسلامية والحضارة الإنسانية، بعنوان: المكتبات منابع أصولنا الحضارية، المقال لكاتب وباحث مصري هو: خلف أحمد محمود أبو زيد.
الذي جعلنا أختار فقرات من هذا المقال القيّم كونُنا من أبناء بلد يُنعت ببلدة المكتبات، لاشتمالها على ما يربو عن خمس مكتبات عمومية.
وُجدت هذه المكتبات في تلك الظروف الصعبة اقتصاديا ومهنيا من عدم وجود الوسائل التي تعين وتشجّع على الكتابة والتأليف واستنساخ الكتب،
بل وحتّى الورق والحبر والإضاءة من النادر توفّرها واقتناؤها بسهولة.
يقول صاحب المقال، في العدد 29، السنة السابعة، مارس – أفريل 2012:
إنّ التأريخ لنشأة المكتبات الإسلامية ودراسة أوضاعها إنّما هو تاريخ للحضارة الإسلامية التي قامت على حبّ العلم وتقدير العلماء، مع الاستفادة من علوم ومعارف الآخرين بغية الوصول إلى منظومة علمية شاملة ومنهجية متكاملة تقدّم كلّ ما هو نافع ومفيد من تراث إنساني للبشرية جمعاء.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف الأسمى، سعى الخلفاء ومحبّو العلم في مختلف العصور، على جمع كلّ ما تقع عليه أيديهم من كتب ومخطوطات في أماكن أطلقوا عليها “خزائن الحكمة” أو “بيوت الحكمة” أو “دور العلم”…
ومهما اختلفت هذه التسميات، فإنّها اتّفقت في أنّ الجزء الرئيس منها كان الكتب والمراجع والمخطوطات…حيث قامت هذه المكتبات بدور رئيس في بناء الحضارة، ونشر الثقافة والعلوم، وتوطيد الصلاة العلمية بين أفراد المجتمع المسلم من ناحية، وبينهم وبين الشعوب والأمم المختلفة من ناحية أخرى…حيث إنّ هذه المكتبات لم تكن فقط أماكن لاقتناء الكتب، بل كانت أيضا منارات وجامعات لتشر العلم والثقافة تضمّ الدروس الدينية والأدبية والعلمية؛ حيث يجلس فيها القرّاء والفقهاء واللغويون والأطبّاء والفلاسفة وغيرهم في مكان واحد، يحملون هدفا واحدا هو نشر العلم والثقافة في جوّ ساده التسامح والحوار البنّاء وحريّة البحث العلمي.
وفي النهاية نقول: يجب علينا التأكيد على أنّ العودة لدراسة التراث الفكري والعلمي للحضارة العربية الإسلامية، لا يعني رفض الجديد والتغنّي بأمجاد الماضي، بل العكس هو الصحيح، فكلّ حركة بعث أو تجديد حقيقيّة، تبدأ بالعودة لهذا التراث، لنستلهم قيَِمه ونستخرج جواهره وكنوزه…ومن ثَمّ يمكن القول، إنّ كلّ فكر قادر على التغيير هو فكر يبدأ بقراءة معاصرة للتراث؛ فدراسة التراث هي دراسة لبناء الحاضر واستشراف المستقبل، وعلى هذا يتعيّن علينا الاهتمام بدراسة تراثنا المكتبي وتأصيله كيْ نعرف ماضينا الذي نهتدي من خلاله لمستقبلنا.
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.