الحاجة إلى الحب
جلسة يوم 28/12/2011م الموافق ليوم 3 صفر 1433هـ
أيّها السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إطلالتنا في هذه الليلة ستكون مقتطفات من هنا وهناك في موضوع الحُبّ وحاجة الناس إلى المحبّة والتعاطف والمودّة.
ففي مقال للأستاذ محمّد العلمي العلوي في البصائر الأسبوعية بتاريخ 11 ديسمبر 2011 بعنوان حاجة الناس إلى الحبّ يقول:
إنّ عاطفة الحبّ من أنْبل العواطف الإنسانية، وعليها مدار سعادة الإنسان وتوفيقه في الدارين؛
فالحبّ هو الذي يشحن الإنسان بالطاقة التي يرجع إليها، ويعوّل عليها في مواجهة التحدّيات التي تفرضها عليه الحياة.
الحبّ هو الذي يجعل الأبوين يتحمّلان نزق أطفالهما ويؤْثرانهم على أنفسهما.
الحبّ هو الذي يجعل الزوج يَرفق بزوجته ويجسن عشرتها على ما قد يكون فيها من نشوز، ويجعل الزوجة تستلذّ التعب من أجل زوجها.
الحبّ هو الذي يجعل الأخ يودّ أخاه ويحسن إليه ويتعاونان على الحياة.
بل إنّ الله تعالى جعل الحبّ دليلا على الإيمان، بدليل قوله تعالى: ]يَآ أَيـُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ مَنْ يَّرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَاتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ,[.
فانظروا إخواني إلى قوله تعالى: ]يحبّهم ويحبّونه[، نسب الحبَّ إلى نفسه U، ثمّ جعله صفة لازمة للمؤمنين.
وفي الحديث الشريف، كثيرًا ما يدعو الرسول r اللهَ تعالى ويقول: «اللهمّ إنّي أسألك حُبَّك، وحَبَّ من تُحِبُّ وحبَّ عملٍ تحبّه».
دعاء جامع جعل فيه رسول الله r الحُبَّ هو المحور الذي يدور عليه أعمال القربات، ولا يكون ذلك إلاّ بمحبّة الله تعالى لذلك الشخص.
وفي الحديث أيضا «لا يؤمن أحدُكم حتّى يُحبّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه».
ولِمَ كان الحبّ بهذه المثابة ؟ ذلك لأنّ الحبَّ ينبني على الإيثار والعدول عن الأنانية ونبذها، وعلى تقديم حاجة الغير على حاجاتنا، وإعطاء الأولوية للمصلحة العامّة على المصلحة الخاصّة.
والحبّ هو الذي يجعلنا نتغاضى عن أخطاء الآخر ونتجاوز عن زلاّته، ونلتمس له الأعذار.
أمّا الشاعر الأحوص فيرى الحبّ دواءً تعالج به الأسقام،
ما عالج الناسَ مثلُ الحبِّ من سَقَم ولا بَرى مثلُه عظْمًا ولا سَقَمًا
ما يلبث الحبّ أن تبدو شواهـده من المحبّ وإن لم يبدها أبـدا
وأنهي حديثي بكلمة نقلها صاحب المقال عن الإمام ابن باديس رحمه الله في ماي 1938:
« ماذا نزرع وماذا يزرعون. إنّ المحبّة أثمن ما في الوجود، وإنّ حاجة البشر إليها أعْظَمُ من حاجاتهم إلى ضروريات الحياة، فإنّهم إذا توفّرت لهم ضرورة الحياة وحاجياتها، وكمالياتها ثم حرموا المحبّة، عاشوا عيشة التناكر والتقاطع، وكانوا على بعضهم شرّا من الوحوش الكاسرة والحشرات السامّة، وإذا رُزقوا المحبّة مع ما لا بُدّ منه من لوازم الحياة، عاشوا عيشة توادّ وتعاون.».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.