بحيرة ليمان – محمود تيمور
جلسة يوم 06/04/2011م الموافق ليوم 2 جمادى الأولى 1432هـ
السادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ستكون إطلالتنا في هذه الأمسية في موضوع الأدب الوصفي.
ولا أكتمكم أنّني مددتُ يدي إلى خزانة الكتب لأنتقي لكم نصّا من كتاب مَّا، نجعله محور حديثنا الليلة؛
فبينما أنا أتصَفّح الكتاب لأختار منه نصّا وقع نظري على نصّ أدبي لمحمود تيمور من نوع الأدب الوصفي، يُبدي فيه الكاتب إعجابه ومتعته بالمشاهد الخلاّبة لبحيرة ليمان باسويسرا.
فأثار إعجابُه ووصفُه الخلاّب مكامن نفسي، وذَكَّرني بأيام خلت عندما أتاح الله لي سفرة لمدينة جنيف، وشاهدتُ هذه البحيرة الجميلة التي سحرت القلوب، وأَسَرَت النفوس بمناظرها الخلاّبة.
فقلت: لِمَ لا أقدّم لكم، إخواني، قطعة من حديث الكاتب الأديب محمود تيمور عن جمال هذه البحيرة، وأستعيذ بعض الذكريات والصور التي لم تَزَل عن مخيّلتي إلى الآن.
النصّ طويل تعرّض فيه الكاتب لمختلف المناظر الخلاّبة لهذه البحيرة، وأختصر منه حديثَه عن جمال هذه البحيرة بسكّانها السّادة وأهلها الكرام. يقول الكاتب:
«وليست فتنة البحيرة بمقصورة على ما تحبوها به الجوّ وما تنفَحها به السماء، وإنّما هي فاتنة بسُكَّانها السادة وأهلها الكرام…
وما أعني بهؤلاء السّكاّن إخواننا بني آدم المُقيمين في تلك المِنطقة، وإنّما عَنَيْتُ جماعة الإوَزّ !
إنّها صاحبة السلطان المُطلق في تلك البُحيرة…وقد عُرفَت البحيرة بذلك الإوَزّ منذ الغابر البعيد، فأصبح لها طابعًا أصيلاً لا يتمُّ رسمها إلاّ به، فهو دائما يُوَشِّيها ويُتوِّجها، ويجذب إليها أنظار المُعجَبين.
يسبح ذلك الإوَزُّ زرافات وفُرادى على متن الماء، أو يدرُج على الشاطئ مُتهادِيَ المشية في رِقّةٍ ووادعة.
وإنّه -إذ يلمحك- لَيُسارع أن يُحيّيك من بعيد أو قريب تحيَّة فُضوليٍّ مُتظرِّف، يتطلّع إلى ما تجود به عليه من لُقَيْمات !
وهو يتفطَّن إلى مواقيت النُّزْهة، ومواعيد إقبال الناس على البحيرة، فيُوَزِّع أسرابه فئات تتقاسم جوانب الشاطئ وتستقبل الزُّوار بأناشيد الحفاوة والتَّرْحاب.
أنتَ ترى هذه الأسراب تشْرئبُّ بمناقيرها، وتدفُّ بأجنحتها، تُحاول أن تُثير بهجتك وإيناسك، بِما تبديه من ألاعيبَ ومُعابثات، ثمّ إذا بها تُقبِلُ عليك بعد قليل تتقاضاك الأجرَ والجزاء، فتُلقي إليها لُقَيْماتِك، فلا تفتأُ تلتقمها في مهارة ونشاط؛
كذلك لا يُخطئُ الإوَزُّ معرفة المواعيد التي تتنقَّل فيها البواخر، فتراه يتأهّب لتوديعها في مُنصرفها.
فإذا تحرّكت باخرةٌ أَلْفَيْتَ سِرْبًا من الإوَزِّ قد أحاط بها إحاطةَ كوْكَبَةِ الفُرْسان بالمواكب الفخام، ولا يزال متابعًا للباخرة وقتًا حتّى ينال مُكافأة الحفاوة ومُقابلَة الجميل بالجميل فيرتدُّ إلى قواعده تَشيع فيه الغبطة والمِراح.».
محمود تيمور
(عن مجلّة الكتاب: مايو 1947)
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.