من لا يكرم نفسه لا يكرم
الجلسة السادسة عشر : 27 أفريل 2016م الموافق ليوم: 19 رجب 1437هـ
أيّها الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
جلستنا في هذه الحصّة فيمَنْ لا يُحسن مخاطبة الناس، ولا يراعي كرامتهم، وخاصّة إذا كان هو البادي بذلك.
والمثل يقول: « ومَنْ لا يكرِّمْ نفسه لا يُكَرَّمْ ».
وإنّي أيّها الإخوة أعود بكم إلى الوراء، إلى العهد الأوّل من تاريخ الصحابة الكرام؛ وإلى تلك الفتنة الهوجاء التي كان مِنْ موقديها، وممّنْ أثارها عمياءَ بنو أميّة، وفي مقدّمتهم شيخهم ومقدَّمهم معاوية بن أبي سفيان.
ويذكر صاحب “المستطرَف من كلّ فنّ مستظرف” شهاب الدين محمّد بن أحمد الأبشيهي، نسبة إلى أبْشويَه، من قرى الغربية في مصر، المتوفّى في سنة 852هـ/ 1448م.
لمّا قدِم معاوية بن أبي سفيان المدينة المنوَّرة، بعد أنْ سَلَّم له الحسن بن عليّ بن أبي طالب الخلافة حَقْنًا للدماء، وحُبًّا لسلامة المسلمين من الفتن وعاقبتها الوخيمة دنيا وأخرى.
يقول صاحب الكتاب في صحيفة 157 من الجزء الأوّل:
«ولمَّا قدِم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب وقال: مَنْ ابن عليّ رضي الله عنه؟ فقام الحسن؛ فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث بعثا إلاّ جعل له عدوّا من المجرمين. فأنا ابن عليّ، وأنت ابن صخر؛ وأمّك هند، وأمّي فاطمة؛ وجدّتك قيلة، وجدّتي خديجة. فلعن الله أَلْأَمَنا حسبا، وأخملنا ذكرا، وأعظمنا كفرا، وأشدّنا نفاقا. فصاح أهل المسجد آمين آمين. فقطع معاوية خطبته ودخل منزله.».
أيّها السادة؛ بعد قراءة النصّ الأدبي، لا بدّ لي من ذكر هذه الملاحظات حتّى يتسنّى لنا فهم الموضوع جيّدا.
ربّما ترون أنّ الحسن أساء الأدب مع معاوية، ولم يُراعِ أدب الحوار كما يقال.
والأمر ليس كذلك، بل معاوية هو الذي أساء الأدب، وإلاّ فلماذا يريد من الحسن أنْ يُحْرِجه للكلام؟
ولماذا لم يُسَمِّه باسمه؟
بل قال: أين ابن عليّ؟
فعامله الحسنُ على المثل القائل:
« مَنْ كان بيته من زجاج فلا يَرْم الناس بالحجارة ».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.