من بنات الأسفار خواطر ومقالات ومذكّرات وليدة رحلاتي وأسفاري. د بباعمي محمد 2
الجلسة الثانية عشر: 21/03/2012م الموافق ليوم 28 ربيع الثاني 1433هـ
إخواني السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله تعالى.
إنّنا في أسابيع الأسفار والتنقّل من هنا إلى هناك بمناسبة عطلة الربيع.
وفي إطلالتنا في الجلسة السابقة حديث عن كتاب من بنات الأسفار، وعن الطبعة العشرين عن معرض الكتاب في إيران، وأنا ممّن ملك مشاعره وخواطره الكتابُ، فلا لوْمَ ولا عَجَب منّي.
رأيتُ، إخواني، أن تكون إطلالتنا هذه الأمسية عن الكتاب وعن ملاحظات وخواطر الدكتور محمّد بابا عمّي المحترم، وهو يجول في هذا المعرض، وقد سافر إلى إيران بغية الحضور في هذا المهرجان الثقافي للكتاب، وحُقّ أن تُقام له تجمّعات ومهرجانات، ولِمَ لا وقد قيل منذ القديم: وخير جلس في الأنام كتاب.
يقول الدكتور في مذكّراته، ص16 وما بعدها:
«ومن أبرز ما يثير الانتباه في المعرض، نضيف ما يلي:
– الإقدام الشديد على الكتاب، من قِبَل عشرات (أو مئات) الآلاف من الناس، بمختلف الأعمار والمستويات، مدارس وعائلات، وجماعات وأفرادا.
– إيواء المئات من الناس إلى الظلّ، وبخاصّة الشباب منهم، وفي أيديهم كتبٌ اشتروها، يطالعونها بِنَهَم وشرهٍ، دلالة على اغتنام الوقت وحبّ العلم.
– لم نشاهد إنسانا واحدا يتسوّل، بخلاف دول أخرى، يصنع فيها التسوّلُ المشهد اليوميَّ للبلاد.
– لا نلحظ مظاهر للفساد الخلقي، مثل فوضى الشباب، وتجاوزات المراهقين أو غيرها، وكأنّ الناس رُبوهات عمَّالة، لها اهتمامات معتبرة، همُّها تحقيق حلُم إيران: أنْ تكون مِن أقوى دول العالم عَدَدًا وعُدّة، وأنْ تنصر الإسلام شرقا وغربا.
– لا نلاحظ أيّ رقابة أمنية مشدّدة، ولا شرطة تضبط النظام، ولا حواجز أمنية في الطرقات، فالأخلاق هي التي تَزَعُ الناس إلى الخير، والأخلاق هي التي ترْدِعُهم عن الشرّ.
لم نغادر المعرض إلاّ في الخامسة بعد العصر، وكانت الوجهة إلى سفح جبل قريب، ومنتزه جميل؛ وفي الطريق يُسْبيكَ جمال التصميم، والخضرة على حافّتيْ الشارع، وخريرُ المياه الجارية في سواقي بديعة، وهكذا الحال في أغلب طرقات طهران، مع نظافة لا يمكن وصفها إلاّ بالمعاينة، ونزوع الناس إلى العمل بلا كلل ولا عياء.
وقد مررنا بمجمّع فيلاّت تسكنها العديد من الشخصيات المرموقة في إيران، منهم الرئيس السابق، المفكّر: محمّد خاتمي، الذي عرفته مِن خلال جملة من مؤلّفاته التي طالعتها، منها: “الدين والفكر في فخّ الاستبداد”، و”الديمقراطية وحاكمية الأمّة”، و”حوار الحضارات”.
لمّا وصلنا إلى المكان، صِرْنا في عالم آخر من جمال الطبيعة، ومن رقيّ الخدمة، وبديع الصنع، والإتقان في الصَّنعة؛ منها مطاعم تقليدية وأخرى حديثة، يُزيّن المحيط خريرُ مياهٍ تنزل من قمّة الجبل، لذوبان الثلج؛ فالجبال في طهران عالية بحيث تجمع متناقضيْن هما: طاقية من الثلج فوق القمم، وشمس محرقة في السفوح.
…
وممّا طالعناه سويا، من كتاب “إيقاظ العلماء وتنبيه الأمراء” لأحمد عبد الله الكوزه كناني، نقرأ:
«والذي فَلَقَ الحبَّةَ، وبَرَأَ النسمة، إنّه ما اختلف أصناف كوْنٍ من الأكوان، اختلافُ نوع الإنسان».
«لكلِّ فرعونٍ موسى، ولكلٍّ إلى مستقرّه حركة، وبإزاء كلِّ درجة دركة».
«إنَّ من أهل الشقاء مَن يتوغّل في الخفاء لتوغّله في الشقاء».
«قال الإمام عليّ كرّم الله وجهه: «قَصَمَ ظهري اثنان: عالِم متهتِّك، وجاهل متنسِّك»»».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.