موقع الشيخ طلاي

Menu

مروج الذهب ومعادن الجوهر -البغدادي

جلسة يوم  30/06/2010م الموافق ليوم 17 رجـب 1431هـ

أيّها السادة الحضور سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته، تحيّة من عند الله مباركة طيّبة.

حديثنا في هذه الجلسة سيكون حديثا عن قصّة، بل أقصوصة يمكن أن تكون في خانة الأحاديث الأدبية وقد غفلنا عنها فترة في أحاديثنا هذه.

ويمكن أن تُسلك في خانة الحياة الاجتماعية، فهي تصوّر جانبا من الحياة الاجتماعية في القرن الأوّل الهجري.

كما يمكن أن تكون حديثا وصورة عن تاريخ الدولة الأموية التي كانت بعد دولة الخلفاء الراشدين.

وهي قصّة واقعية ليست من نسج الخيال الأدبي، حكاها المحدّث المشهور في كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر، أبو الحسن المسعودي البغدادي، مؤرّخ وجغرافي ورحّالة، من مؤرّخي القرن الرابع الهجري 965 ميلادي. وإليكم نصّ القصّة:

«قَدِمَ على الحجّاج ابنُ عمٍّ له بديويٌّ، وعندما رآه يُوَلِّي الناسَ، قال له: لِمَ لا تُوَلِّني؟

فقال الحجّاج: هؤلاء يكتبون وأنت لا تَحْسِب، فغضِبَ الأعرابيُّ وقال: بلى والله!

فقال له الحجّاج: إذا كان الأمرُ كَما تَزْعَمُ، فاقْسِمْ ثلاثةَ دراهمَ بينَ أربعَةِ أنْفُسٍ.

فما زال يقولُ: لِكُلِّ واحدٍ منهم دِرْهمٌ ويبقى الرابعُ بلا شيءٍ، ثمّ صاحَ قائلا: نَعَمْ، أيّها الأميرُ وأنا أُعطي الرابعَ منهم درْهمًا من عندي.

وعندئذٍ ضرب بيده إلى تِكَّتِهِ فأخْرَجَ منها درهمًا وقال: أيُّكُم الرابعُ؟

فضحِكَ الحجّاج ومَنْ معه، ثمّ قال الحجّاجُ: إنّ أهلَ إصْبَهَانَ امْتَنَعُوا عَنْ دَفْعِ الخراجِ ثلاثَ      سنينَ، وكلَّما أتاهم والٍ أَعْجَزوه، فَلأرْمِيَنَّهُم بهذا الأعرابي، وعسى أَنْ يَنْجَحَ.

فلمَّا حَلَّ الأَعْرابيُّ بإصْبَهانَ جَمَعَ أهلَها وقال: عجبًا للنّاسِ، فأيْنما تجدُ الحَضَرَ تَجِدُ المكْرَ والحيلةَ؛ ما لَكُم يا أهلَ إصْبَهانَ تعْصُونَ رَبَّكُم وتُغضبونَ أميرَكم، وتمْنعون خراجَكم؟

فقال قائلُهم: إنَّما فعلْنا ذلك يَوْمَ اشْتدَّ علينا جَوْرُ مَن كان قبلَكَ.

قال: واليومَ فما الأمرُ الذي فيه صلاحُكُم؟

قالوا: تُؤخِّرُنا بالخراجِ ثمانيةَ أَشْهُرٍ ونَجْمَعُه لك.

قال: لكم عَشَرَةٌ على أن تأتوني بعشرةٍ يَضْمَنون، وحينما يَحِلُّ أُطالبُهم بالخراج، وعندَما حانَ الوَقْتُ جَمَعَهُمْ وقال لهم: المالُ!

فقالوا: أصابَنا من الآفاتِ ما نقَضَ ذلكَ، فأَقْسَمَ ألاَّ يُفطِرَ -وكان في رمضان- حتّى يَجْمَعَ مالَه أو يضْرِبَ أعناقهم، ثمّ قدِمَ أَحَدُهم فضربَ عُنُقَه وكتَبَ عليه: فلانٌ أَدَّى ما عليه، ثمّ قَدِمَ الثاني ففعلَ به مثْلَ ما فعل بالأوّل. فحينما رأى القومُ ذلك جزَعُوا وأحْضروا المال.».

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.