الجلسة الرابعة عشر: 04/04/2012م الموافق ليوم 12 جمادى الأولى 1433هـ

أيّها الإخوة الحضور، أيّها الأحبّاء للثقافة والأدب، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

حديثي إليكم هذه الليلة المباركة سيكون في موضوع بعض الحِكم الأخلاقية والنفسية والسلوكية.

وهذه الحِكم مبثوثة ومنشورة في كثير من الكتب القديمة منها بالخصوص. أتذكّر على سبيل السرعة كتاب “أدب الدين والدنيا ” للماوردي.

والحقّ أنّ الموضوع طرأ على خاطري عندما وصلتْ إليّ جريدة أو مجلّة البصائر الأسبوعية، فاستحسنتُ في صفحة “فنّ الحياة” منها حِكَمًا علمية نفسانية أردت أن أجعلكم، بحول الله، تشاركونني في استحسانها وإشاعتها والعمل بها، لأنّ فائدة الحكمة في الاقتناع بها والعمل بها، لا في حفظها والاستظهار بها فقط.

ما في هذه الصفحة من إعداد الأستاذ الطاهر الأدغم.

ممّا ورد في خانة “حتى تكون أسعد”.

1. إذا زارك يومٌ جديد (وكلّ يوم تصبح فيه يوم جديد) فقل لذلك الزائر: مرحبًا بك، ضَيْفٌ كريمٌ، ثمّ أحسنْ ضيافته بفريضة تؤدّيها أو واجب تعمله، أو توبة تجدّدها.

ولا تكدّر ذلك الضيف الزائر بالآثام والهموم والتشكّي، فإنّه لن يعود.

1. إذا تذكّرتَ الماضي من حياتك فاذكر تاريخك المشرق لتفرح، وإذا ذكرتَ يومك فاذكر إنجازك فيه لتسعد، وإذا ذكرتَ الغد فاذكُرْ أحلامك الجميلة لتتفاءل.
2. طول العمر ثروة من التجارب، وجامع من المعارف، ومستودع من المعلومات، إنّ طول العمر بركة لقومٍ يعقلون.
3. لا بدّ من شيء من الخوف لتتذكّر الأمن ويحثُّك على الدعاء، ويردعك عن المخالفة والغرور فتعود إلى الله.
4. الحياة قصيرة فلا تقصّرها أكثر بالنكد، والأصدقاء قليلون فلا تخسرهم باللوم، والأعداء أكثر فلا تزد عددهم بسوء الخلق.

والشيء بالشيء يُذكر قلتُ في أوّل حديثي: فائدة الحكمة في الاقتناع بها والعمل بها، أضيف إلى حديثنا اليوم هذه القصّة.

ممّا يُحكى أنّ صيادا نصب شبكته لعلّ الله تعالى يرزقه بطائر يتبلّغ به على حدّ قول الشاعر:

كلّ مَن في الوجود يطلب صَيْدًا     غـير أنّ الشبـاك مختلفـات

ومن الأسف أنّ الشبكة علق فيه عصفور ضعيف لا يسمن ولا يغني من جوع.

عندما تقدّم الصياد إلى ذلك العصفور أنطقه الله تعالى، فقال له: يا هذا إنّني عصفور ضعيف كما تراني، ألا أعرض عليك ثلاث حكم تستفيد بها في حياتك، تكون خيرا لك منّي؟

فقال له الصيّاد: رضيتُ، فهات حِكَمَك.

فقال له العصفور: الحكمة الأولى أقولها لك عندما تخلّصني من الشبكة وتطلقني، والثانية أقولها لك عندما أكون على الشجرة أمامك، والثالثة عندما أسبح في الهواء.

فقال له الصياد: رضيتُ.

عندما خلّصه من الشبكة قال له الحكمة الأولى: لا تُصَدِّق كلّ ما قيل أو يُقالُ لك.

وعندما كان على الشجرة قال له الحكمة الثانية: لا تَنْدَمْ عَلَى مَا فَات،

ثمّ قال له الطائر: خيّبك الله أيّها الصياد، في حوصلتي جوهرة تزن عشرين مثقالا، لو تحصّلت عليها لأغْنتك.

فتأسّف الصياد وعضّ يديه، ثمّ قال للطائر عندما رفرف في الهواء: هاتِ الحكمة الثالثة، لقد خدعتني أيّها العصفور، فقال له: الحكمة الثالثة تفهمها بنفسك.

فائدة الحكمة في العمل بها لا في حفظها والتباهي بها.