عمران بن حطّان السدوسي
الجلسة الثالثة: 18 جانفي 2018م الموافق لـ: 29 ربيع (2) 1439هـ
أيّها السادة الأساتذة، إخواني المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إطلالتنا في هذه الأمسيّة ستكون عن موضوع أخلاقي من نوع المروءة، وحسن التصرّف، وعدم مقابلة السيّئة بمثلها.
الذي دفعني إلى اختيار هذا الموضوع ما نلاحظه من سوء التصرّف نحو بعضنا بعضا، وعدم مقابلة الحسنى بالحسنى. والله تعالى يقول: )ادْفَعْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنـَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(.
يقول صاحب الشمقمقية في هذا الموضوع:
« وَلاَ تَعُدْ لِحَرْبِ مَنْ مَنَّ وَلَوْ * مَنَّ فَمَا غَلَّ يَدًا كَمُطْلِــقِ
«مَنَّ» الأولى بمعنى أَنْعَمَ، والثانية بمعنى عدَّدَ عليه ما فعله من الخير، وهو المنّ المحبط للصنيعة…
والبيت يشير إلى قضيّة عمران بن حطّان السدوسي، من رءوس الخوارج مع الحجّاج. وكان حُمل إليه؛ فلمّا رآه قال: يا غلام، اضرب عنق ابن الفاعلة.
فقال عمران: بئس ما أدّبك به أهلُك يا حجّاج؛ كيف أَمِنْتَ أنْ أجيبك بمثل ما جبهتني به أو أفحش؛ أبعد الموت منزلة أصانعك عليها؟!
فأطرق الحجّاج استحياء ممّا فرط منه، وقال: خلُّوا عنه، ثمّ قال: أفيك موضع للصنيعة؟
قال: أجل. فأمر له بفرس وسرج وسيف، وخلّى سبيله.
ولـمّا عاد إلى أصحابه من الخوارج، قالوا له: والله يا أبا سماك، ما أطلقك إلاّ الله؛ فَعُدْ بنا إلى حرب الفاسق.
فقال: هيهات! غلَّ يَدًا مُطْلِقُها، واسترقّ رقبة مُعْتِقُها».
قوله: «وقال خلّوا عنه»؛ هنا تنتهي القصّة.
أمّا الزيادة التي ذكرها شارح الشمقمقيّة، فهي من زيادات الرواة كُلٌّ حسب هواه وما يتخيّله؛ ثمّ إنّه لا يناسب ما ذكره هذا الشارح مع ما ذكره المبرّد عنه أنّه اختفى، وجعل ينتقل خِفية من موضع إلى موضع، كما سيأتي في الحصّة المقبلة بحول الله.
وفيما يلي بعض الأسئلة والانطباعات:
- هل ما يُقال عن الحجّاج في حبّه لسفك الدماء حقيقة أم مبالغ فيها؟ وما الذي حبّب إليه ذلك؟
- الحجّاج مع كونه ظلاّما سفّاكا، إلاّ انّه كان فصيح اللسان، تُروى عنه أخبار كثيرة مع حكماء وفُصحاء العرب.
- هل لكم أنْ تقدِّموا لنا تعريفا مختصرا عن عمران بن حطّان؟
أليس الأولى للشارح أنْ ينسب عمران بن حطّان إلى الحرورية بدل الخوارج؟
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.