زمن التهافت – جريدة البصائر
الجلسة التاسعة عشر: 09/05/2012م الموافق ليوم 19 جمادى الثانية 1433هـ
أيّها السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إنّنا في دوّامة وأحداث الانتخابات التشريعيّة للمجلس الوطني، ومهما التزمنا الحياد فإنّ القضايا الوطنية والمصيرية ليس من الحكمة الهروب عنها واستعمال رأي النعامة.
وقد رأيتُ في هذا الأسبوع مقالا أدبيا واجتماعيا عن هذه الانتخابات، وما يُقال عنها لكاتب من كتّاب البصائر، الأستاذ عند الحفيظ بورديم، رأيتُ من اللائق أن أشنّف أسماعكم بمقاله الأدبي والاجتماعي في آن واحد.
عنونتْ الجريدة لهذا المقال بعنوان: زمن التهافت؛ يقول الأستاذ:
«أطلّ زمن التهافت على البرلمان، فسال لُعاب الساسة من الرجال والنسوان. اجتمعوا في مدرّج السباق، وقد التفّت منهم الساق بالساق، واشتدّت منهم حمرة العيون، كأنّها جمرة مسلوبة من الأتّون، وزعموا أنّ كلّ شيء فاسد يجب تغييره، حتّى الهواء -في ظنّهم- كاسد ينبغي تدويره.
هم للناظر فئتان متشابهتان: إحداهما تقسم بأغلظ الأيْمان أنّ سعيها لخدمة الوطن والإنسان، وأكثرهم تسلّط على قوائم الأحزاب من غير رضى وانتخاب، والأخرى تحالفت لنصرة الشريعة بعد أن شقّوا الوحدة المنيعة، لم يستطيعوا حماية همزة الإسلام، فحذفوها من أوّل الكلام. فهل يقدرون على حماية المستضعفين من جوْر المستكبرين؟ أم هل يقدرون على حماية قفّة الفقراء، وقد أفرغتها سمسرة الأقوياء؟
فيهم صادقون، أي والله.
وفيهم المحتالون، أي والله.
…
ثمّ ما ظنّكم بقسمة ضيزى، تؤنّث البرلمان وتعطيه الفيزا. هكذا يظنّون، ولمثل هذا يعملون. يريدون للتغيير أن يبدأ بالبرلمان فلا يبقى أكثر ساكنيه من غليظي الأبدان، بل يتّسع مناصفة للجنسين. ورُبّ أنثى خير من ألف من الذكران، ولو تأمّلناه لعلمنا عمق محتواه.
ولكن، كيف رضي به أصحاب الأحزاب؟ أتراهم علموه مطلبا جديدا، فقبلوه واتّخذوه عيدا؟ أم ظنّوه سببا للبقاء فتنافسوه قبل الفناء؟ أم تُراهم كمثل اللاعبين يتبعون صفّارة الحاكمين؟ فلا يزيدون ولا يفكّرون.
صارت الأحزاب أربعين، فهل صدفة أن يكونوا بعدد أصحاب عليّ بابا في الأوّلين، حين دخلوا كهف الكنز المعلوم، وما فتحوه إلاّ بالرمز المختوم. وهل صدفة أن يكون أكثر المترشّحين ممّن يملكون المال وهم من العلم محرومون؟
إنّما نريد مترشّحين أقوياء جلاد، كالجند موكول إليهم حفظ البلاد، وكالخدَم مطلوب منهم حفظ العباد. وويل لمن طلبها وهو غير قادر عليها، تكون عليه يوم القيامة خزيا وندامة.
حاشا أن نكون لهم متّهمين، ولكن ما أصدق ابن باديس: «انبذوا الزعامات، اتركوا الحزازات، برهنوا للعالَم أنّكم أمّة تستحقّ الحياة».
فاللهمّ قيّض لهذه الأمّة أمرا رشدا، يُغاث فيه الناس وفيه يعصرون.».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.