موقع الشيخ طلاي

Menu

رب ذاكرة أفيد من كتاب 1

الجلسة الواحدة والعشرون: 30/05/2012م الموافق ليوم 9 رجب 1433هـ

أيّها الإخوة الأصدقاء، أيّها السادة الأحبّاء، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إطلالتنا هذه الليلة ستكون ممّا عَلِق في الذاكرة لا من الكتاب، ورُبّ ذاكرة أفْيد من الكتاب؛ أقول هذا مع احترامي وتقديري للكتاب.

بقي في ذاكرتي عندما كنتُ صغيرا وما ذُكر لنا من الآباء والأجداد أنّ مدينتنا الجميلة هذه كان لها ثلاث فضاءات يجتمع فيها بعضُ أهل المدينة ممّن لا يريد أن يخرج إلى الفضاء الواسع الذي في مخرج الباب الشرقي “الدَّبْدابَهْ”، وخاصّة في الليل.

أوّلا : لَخْلاَ نَ الزَّنْقَتْ؛ فضاء الزنقة زنقة المقابر، فضاء يتّسع لحوالي خمس ديار في الناحية الغربية منه عند نهاية شارع بودْراعُو.

يوجد مقرّ للاجتماع لبعض الأعيان مسوّر بحائط صغير دائري يُقال له “لَجْماعَهْ”، أي مقرّ الجماعة، يشبه إلى حدّ بعيد ما أدركناه في سوق غرداية، أحجار دائرية مثبَتَة في الأرض يُقال إنّه مقرّ اجتماعٍ للأعيان أو الحرّاس، أو رؤساء العشائر لأهل غرداية.

ثانيا : لَخْلاَ نَ القايَضْ؛ فضاء القائد، ونُسب للقائد لأنّ داره قريبة بل بجانب هذا الفضاء، ولعلّ القائد المذكور هو قائد سليمان فضلي المعروف.

وبما انّ جدّي من جهة أمّي رحمه الله كانت داره بجانب هذا الفضاء، فقد حكتْ لي أمّي رحمها الله أنّ هذا الفضاء أحيانا يقصده بعضُ الشباب للقيام برياضة الرمي “تاحْجُورْتْ”، وهي لعبة تشبه إلى حدّ بعيد لعبة الكرات الحديدية الإيطالية.

ونقلتْ العائلة أنّ هؤلاء الشباب عندما انتهوا من رياضتهم ألْقى أحدهم بيتًا من الشعر الملحون يتألّم من وضعه العائلي بنزاع بين أمّه وزوجته، يقول:

نْروحْ الْداري نْصيبْ بارودي وارْصاصي

اعَيَّطْ يا نَسِي * يا إلاهي ارْفَقْ بِـيَا

وعن هذا الفضاء، ذكروا أنّ جماعة من العبيد المحرَّرين العاملين في الفلاحة يأتي أحدُهم أحيانا بحزمة حطب، وفي الليل يوقدون النار ويتدفّئون بها ويتسامرون، وإذا أرادوا الانصراف يقومون برقصة “دُورُوكُنْدا”.

ثالثا : فضاء بادحْمانْ. وهو أوسع وأهمّ من ناحية الفروسية، يقصده الفرسان للمباراة والتدريب ويسمّونهم “اصْغارْ بادَحْمانْ”، وقد أدركْتُ في أواخر الثلاثينات أحد هؤلاء الفرسان بفرسه الأدهم يخرج به أحيانا ويركبه في حفلات “الفازْعَتْ” أو “الفانْتازْيا”، وهو جدّ الأستاذ امْزَرْكَتْ زكري رحمه الله.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.