الجلسة الثانية والعشرون: 17 أكتوبر 2018م الموافق لـ: 8  صفر 1440هـ

إخواني السادة المحترمون، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إطلالتنا في هذه الجلسة ستكون بحول الله من كتيّب هامٍّ جدًّا في إطار سيرة ذاتية بعنوان: رئاسة حكيمة وأبوّة رحيمة.

والكتاب جمع وتحقيق وتأليف الأستاذ الشاعر الفذّ سليمان بن عمر دوّاق؛ والأستاذ الشاعر يعني بالرئاسة الحكيمة والأبوّة الرحيمة المرحوم بليدي صالح بن عمر. وطُبع الكتاب في مطبعة الشريف محمّد، نهج القافلة.

إخواني السادة الحضور، ماذا أقول لكم؛ لقد أُعجبتُ أيّما إعجاب من ناحية متابعة الشاعر الفذّ لمن عاشر المرحوم بليدي صالح، وتسجيل ملاحظاته عن القائد الحكيم والأب الرحيم، لهذا الشابّ العبقري الذي لا يوجد مثله إلاّ نادرا.

كما أُعجبتُ أيّما إعجاب كذلك بهذا الشابّ الذي امتاز بالحكمة في التسيير والأبوّة، والحنان على من يسيّره وكأنّه أبا رحيما لهم.

وامتاز كذلك باليقظة وحسن التنظيم والنشاط والإشراف على نحو 300 شاب تحت نظره، وكأنّه أب رحيم لهم، لا يتركهم ولا يغفل عنهم رغم قلّة الإمكانيات التي وُضعت تحت يده.

ويذكِّرُني بما قاله عبّاس محمود العقّاد في حقّ الفاروق عمر رضي الله عنه: لم أر عبقريًّا يَفْري فرْيه.

وأقتصر على ترجمة لحياته حتّى تتحقّقوا معي هذا الإعجاب اللامتناهي.

اسمه الكامل مع ولادته:

بليدي صالح بن عمر بن أيوب بن الحاج سعيد بن أيوب من عشيرة آت خالد ببني يزقن. ولد سنة سنة 1928م من والدين كريمين: بليدي عمر بن أيوب، وزغبة لالّه بنت عيسى. وكان وحيد والديه…

كان والده عمر تاجرا متوسّط الحال في الأغواط ثمّ سعيدة ثمّ البَيَّضْ.

زاول تعلّمه الابتدائي في المدرسة الفرنسية آنذاك في الأغواط ثمّ في بني يزقن حيث نال الشهادة الفرنسية الابتدائية. أمّا التعليم الديني الحرّ ففي مدرسة عمّنا المرحوم عبد الله بن الحاج صالح بليدي (بوكامل) في دار حبّسها للعلم، وهي الآن محضرة الشيخ صالح بَزَّمْلالْ رحمه الله، حيث حفظ جزءًا من القرآن من سورة الناس إلى سورة الحجّ على يد الحافظ الشيخ عمر بن الحاج محمّد باعْلي رحمه الله المتوفّى سنة 1990م.

في سنة 1942م بعثه والدُه إلى القرارة ليواصل حفظ القرآن، وختمه في نهاية صائفة 1942م. استظهر القرآن عن ظهر قلب في جلسة واحدة على يد إمام مسجد القرارة آنذاك، ودخل حلقة “إرْوانْ” كما هي عادة المستظهرين لكتاب الله في القرارة.

واصل تعلّمه المتوسّط والثانوي في معهد الحياة بالقرارة إلى أن تخرّج فيه سنة 1950م بشهادة مشرّف جدًّا، بإمضاء الإمام الشيخ بَيُّوضْ رحمه الله.

في سنة 1949م عيّنه الإمام الشيخ بَيُّوضْ رئيسا ومشرفًا على البِعثة العلميّة البيوضية (داخلية الحياة).

مهامّه:

تتمثّل في الإشراف والمتابعة اليوميّة للطلبة المستفيدين من النظام الداخلي من مختلف قرى وادي مزاب وورجلانْ وبعض مدن الجزائر كـ: باتْنَة، جامْعَة، تُقُّرْتْ، وخارج الوطن: جبل نفوسة، جربة، عُمان.

قلت: الإشراف والمتابعة اليوميّة للطلبة في أخلاقهم، سلوكهم، دراستهم، راحتهم وواجباتهم وأنشطتهم العلميّة والأدبيّة.

دام رئيسا ومديرا عامًّا للبعثة 21 سنة، من 1949م إلى 1970م يوم وفاته، وهو يناضل ويجاهد في سبيل الدعوة إلى الله، وتعليم وتربية الطلبة الذين تتراوح أعمارهم من 15 سنة إلى ما فوق 20 سنة، وهي من أصعب المراحل التي يمرّ بها الشباب.

ازدهرت البعثة في عهده إلى أن وصل عدد أفرادها أكثر من ثلاثمائة طالب من مختلف قرى مزاب السبع وورجلان، وحتّى جربة بتونس وجبل نفوسة بليبيا وعُمان.

تخرّج على يده خلق كثير من الطلبة من ميزاب وخارجها، حيث تولّوا مراكز عالية في المساجد والوعظ والإرشاد والإفتاء والتعليم في المدارس والمعاهد الحرّة والرسمي، والميادين السياسية والاقتصادية.

إلى جانب إشرافه على البعثة، تولّى التدريس والتعليم مدّة اثنتيْ عشرة سنة في مدرسة الحياة، ودرّس اللغة الفرنسية في معهد الحياة.

كما استنجد به المدير الفرنسي للمدرسة الرسمية “ميسْيو ماجْ”، ليدرّس في  التعليم الرسمي موادّ اللغة العربية لسنوات التعليم المتوسّط قرابة سنة، وهذا في بداية سنوات الاستقلال….

انخرط في حلقة العزّابة بيزجن يوم 19 مارس 1963م مع المرحوم الحاج محمّد بن دْريسو والشيخ باحِيُّو الحاج محمّد بن عمر نائب رئيس حلقة العزّابة حفظه الله ورعاه.

وفيما يلي بعض الأسئلة والانطباعات:

• شكرا أستاذنا الفاضل؛ إلى أيّ مدى استطاع التوفيق بين الرئاسة والرعاية الأسرية؟
• في أيّ مجال تجلّت صفة الرئاسة الحكيمة فيه؟ ومن أين اكتسب تلك الصفات؟ وما السبيل لإيجاد نماذج من هؤلاء الشخصيات في عصر طغيان المادّة على فكر الكثير من الناس.
• هل انتهج الأستاذ الشاعر نهج الأستاذ صالح تِرِشينْ في سلسلته الخاصّة بالشخصيات؟
• هل نُشر شيء عن هذا العلم في معجم أعلام الإباضية لقسم المغرب؟
• هل هناك تسجيل صوتي للكلمة التأبينية للشيخ بَيُّوضْ رحمه الله.
• لو حدّثتمونا -بارك الله فيكم- عن عضوية المرحوم في حلقة العزّابة ببني يزقن.

هامّ جدّا أن تُخلّد مآثر هؤلاء الرجال المضحّون بعيدا عن الأضواء، وما أكثرهم؛ فلو تمّ تسمية أحد المراكز التعليمية والتربوية باسمه ليتأسّى به النشء، ويبقى ذكره في الأجيال