موقع الشيخ طلاي

Menu

الدكتور جحا

جلسة يوم  10/02/2010م الموافق ليوم 26 صفر 1431هـ

أيّها السادة الأجلاّء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جلستنا في هذه الأمسية ستكون في إطار أدبي من الأدب الرمزي.

قصّة خيالية وربّما واقعية ولكن صاحبها ومن نسجت حوله جُحّا إنّما تعني مشكلة من مشاكل الحياة.

ترمز إلى من يستشير من هو ليس أهلا للمشورة، فعوض أن يجد له حلاّ أو مخرجا لمشكلته يوقعه فيما هو أدهى وأمرّ ممّا هو عليه. والحكمة تقول:

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن     برأي نصـيح أو نصيحـة حازم

فليس كلّ شخص يصلح للمشورة، ولا أيّ اقتراح يصلح أخذه والعمل به.

فالذي يُستشار هو صاحب الرأي النصيح أو صاحب الحكمة والتجربة.

ويمكن أن تشير هذه القصّة الخيالية إلى بعض الأشخاص عديمي الضمير، ينصبون أنفسهم لعلاج الناس والنظر في مشاكلهم بدون علم ولا تبصّر، إنّما الهدف ابتزاز أموالهم، والظهور بالحكمة والصلاح رياءً وحبّا للمحمدة.

« دكتور جحّا

حين كبر جحّا وأدركته الشيخوخة قرّر أن يشتغل حكيما، وهكذا فتح مؤسّسة استشارية للعلاج، وكتب على اللافتة “دكتور جحّا..خرّيج معاهد الحياة ومدارسها”، وبدأ يزاول نشاطه في علاج المشاكل.

وذات يوم ذهب إليه رجل تبدو عليه التعاسة؛ قال الرجل: يا جحّا..أنا مرهق جدّا وأريد أن تعالج مشكلتي..

جلس جحّا بوقار وسأل: ما هي مشكلتك ؟

قال الرجل: أعيش مع زوجتي وأمّي وثمانية أولاد وحمار في غرفة واحدة، وقد ضقت ذرعًا بنهيق الحمار وصراخ العيال والمعارك الحامية بين أمّي وزوجتي..ماذا أفعل ؟

فكّر جحّا طويلا ثمّ قال: اذهب واشْترِ كلبا وضَعْه معكم في الغرفة..

ذهب الرجل وغاب أسبوعا ثمّ عاد..قال لجحّا: يا جحّا..لقد زادت مشاكلي بهذا الكلب الجديد، إنّه ينبح، والحمار ينهق، والأولاد يتشاجرون..ماذا أفعل ؟

فكّر جحّا طويلا ثمّ قال: اذهبْ إلى السوق واشتر خمس دجاجات وضعْها معكم في الغرفة، وتعال لزيارتي بعد أسبوع..

فعل الرجل ما طلبه جحّا، وعاد لزيارته بعد أسبوع، سأل جحّا: كيف الحال ؟

قال الرجل: أصبحت الحياة لا تُطاق..إنّ الكلب ينبح، والحمار ينهق، والأولاد يتصايحون، والدجاج يقفز في الغرفة..ماذا أفعل ؟

فكّر جحّا طويلا ثمّ قال للرجل: اِذهبْ إلى السوق واشتر بغلاً لطيفا وضعه معكم في الغرفة، ثمّ تعال لزيارتي بعد أسبوع..

ذهب الرجل وغاب شهرا كاملا..وحين جاء لزيارة جحّا كان يجرّ قدميه من التعب، وسأله جحّا: كيف حالك ؟

قال الرجل: الحياة لا تُطاق يا جحّا.

سأله جحّا: لماذا ؟

قال الرجل: أسكن مع زوجتي وأمّي وثمانية أولاد وكلب وخمس دجاجات وبغل في غرفة واحدة..ماذا أفعل يا جحّا ؟

قال جحّا: اذهب إلى السوق وبعْ البغل، وتعال لزيارتي..

فعل الرجل ما طلبه جحا وعاد..سأله جحّا كيف الحال ؟

قال: ما زال الحال صعبا يا جحّا..

قال جحّا: اذهب إلى السوق وبِعْ الفراخ وتعال بعد أسبوع..

فعل الرجل ما طلبه جحّا وعاد لزيارته.. فلمّا سأله جحّا عن حالته وهل تحسّنت ببيع الدجاج؟

قال الرجل: إنّها تحسّنت، ولكنّه ما زال يحسّ بالتعب،

وهنا قال جحّا: اِفتحْ الباب وأَطْلِقْ سراح الكلب، وتعال بعد أسبوع لتحدّثني عن حالك.

بعد أسبوع جاء الرجل سعيدًا مستبشرا، فسأله جحّا: كيف حالك ؟

قال الرجل: الحمد لله يا جحّا.. لقد تحسّنت الحال كثيرًا.. وهذا بفضل علاجك الحكيم.. أشكرك يا جحّا.. قال جحّا: العفو.». (عن: ” أهل اليسار “، لأحمد بهجت، ص30-31)

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.