موقع الشيخ طلاي

Menu

الشيخ أبو محمّد عبد الله بن يحي بن عيسى العبّاسي – طبقات المشايخ (1)

الجلسة الرابعة: 29/01/2014م الموافق ليوم 27 ربيع الأوّل 1435هـ

أيّها السادة الحضور، أيّها الأساتذة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى.

عملا بما نسير عليه في ندوتنا هذه الجمع بين الأصالة والعصرنة.

من هذا المنحى اخترتُ لكم قصّة من كتاب “طبقات المشايخ بالمغرب”؛ قصّة عن شيخ من المشايخ، حباه الله بالرزق الواسع والعلم والإحسان والفضل، هو الشيخ أبو محمّد عبد الله بن يحي بن عيسى العبّاسي، من مشايخ الطبقة الحادية عشر (من 500هـ إلى 550هـ).

نزل عليه المشايخ يوما فأكرمهم أيّما إكرام، احتفاء بهم وعملا بقوله عليه السلام: «مَن كلن يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكْرِمْ ضيفَه». ولكنّه اطّلع عليه أنّه لا يكرم نفسه، فتعجّب أحدهم من ذلك، وإليك القصّة:

«حدّثني بعض العزّابة عن الشيخ عبد الرحمن بن عليّ أنّه قال: خرجتُ من “أريغ” أريد “وارجلان” في جماعة من العزّابة، فسلكنا على “تالا”، منزل الشيخ عبد الله بن يحي، قال: فخرج إلى العزّابة فسلّم عليهم وأنزلهم للضيافة، فلمّا دخلنا موضعه قدّم لنا تمرا كبيسا معسولا، ولبنا عجيبا، فلمّا أكلنا من ذلك ما اشتهينا أحضر صحفة ثريد، يقدِر كلّ واحد منّا أن يأتي على آخرها وحده، أو هو وآخر حتّى لا يبقى منها شيئا ولا يدريه، قال: وعليه من الزبد ما أخرجه من اللبن الذي شربناه أوّلا مع التمر.

قال: فنظر كلّ واحد منّا إلى صاحبه تعجّبا منه كيف قابلنا بالطعام القليل ونحن تسعة أو عشرة، قال: ووضعنا فيه أيدينا وكلّنا قد استقلّه، قال: فوالله لقد صَدَرْنا شِباعا غاية الشَّـبَع، وفضلت منه فضلة صالحة.

قال: فلمّا أراد العزّابة الخروج عدتُ إليه لأخبره بذلك، فوجدته يفرّق تلك الفضلة على الجيران، ثمّ دخلتُ عليه فصادفته على مرضخه وبين يديه حشف أحرش يابس وكوز ماء، فكلّما رفع حشفة رضخها وأزال عنها نواتها وأكلها، واستساغها بجرعة ماء من الكوز، وفضّ النواة لعلف الغنم، فقلتُ له: ما هذا يا شيخ؟ هلاّ أكلتَ من التمر الذي أطعمتنا منه؟ فقال: يا بنيّ إنّ مَن أكل خيار ماله فقد أكل دم وجهه، إنّما ذلك مدّخر لأمثالكم، وإنّ الذي بين يديّ مع العافية لخير كثير.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.