موقع الشيخ طلاي

Menu

زهير بن أبي سلمى

الجلسةالثانية: 15/01/2014م الموافق ليوم 13 ربيع الأوّل 1435هـ

أيّها السادة، أيّها الإخوة المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد تحدّثنا في الأسبوع الماضي عن كعب بن زهير بن أبي سُلمى، وإنشاده لقصيدته “بانت سُعاد” في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، معتذرا وتائبا عمّا صدر منه.

وفي أثناء حديثنا عن كعب وعن أبيه زهير بن أبي سلمى، وهو من شعراء الجاهلية من أصحاب المعلّقات.

وجرّنا الحديث إلى ما قيل أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شعراء الجاهليّة، وتفضيل بعض على بعض؛ فقال لهم رسول الله: أحسن الشعراء، وأفضلهم صاحب مَن ومَن.

وهذه الكلمة من رسول الله r توجيه للقوم أن يعرضوا عن آرائهم السابقة عن الشعر والشعراء، وتوجيهُهُم إلى فائدة الشعر والإنشاد إلى ما ينفع ولا يضرّ.

وقديما قيل: إنّ من البيان لشعرا، وإنّ من الشعر لحكمة.

شعرتُ من بعضكم أيّها الإخوة وكأنّه يتساءل: ماذا قال زهير من الحِكم، فاستحقّ هذا التبجيل والتقدير منه عليه السلام ؟

وفي جلستنا هذه أعرض عليكم وأتَطَرَّقُ إلى بعض هذه الحكم التي أدرجها في معلّقته.

سَئِمْتُ تَكَالِيفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ               ثمانينَ حَوْلاً لاَ أَبَا لَكِ يسأَمِ

وأَعْلَمُ ما في اليوْمِ والأمْسِ قَبْلَه         ولكِنَّنِي عن عِلْمِ ما في غَدٍ عَمِي

رَأَيْتُ المنايا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ     تُمِتْهُ، وَمَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فيَهْرَمِ

ومَنْ لا يُصانِعْ في أُمورٍ كثيرَةٍ          يُضَرَّسْ بِأَنْيابٍ ويوطَأْ بِمَنْسِمِ

ومَنْ يَجْعل المعروفَ من دونِ عِرْضِه    يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ

ومَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِه        على قَوْمِه، يُسْتَغْنَ عنه ويُذْمَمِ

وَمَنْ يُوفِ لا يُذْمَمْ، ومَنْ يُهْدَ قَلْبُه     إلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ

ومَنْ هابَ أَسْبابَ المنايا يَنَلْنَه           وإنْ يَرْقَ أسبابَ السماءِ بِسُلَّمِ

ومَنْ يَجْعَلِ المَعروفَ في غيرِ أَهلِهِ               يَكُنْ حَمْدُه ذَمًّا عَلَيْهِ ويَنْدَمِ

ومَنْ لا يَذُدْ عن حَوْضِه بسلاحه                يُهَدَّمْ، ومَنْ لا يَظْلِمِ الناسَ يُظْلَمِ

وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُوًّا صديقَه      ومَنْ لا يُكَرِّمْ نفسه لا يُكَرَّمِ

ومهما تَكُنْ عندَ امْرئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ               وإِنْ خالَها تَخْفَى على الناسِ، تُعْلَمِ

وكَأَيِّنْ ترى من صامِتٍ لك مُعْجبٍ    زيادَتُهُ أوْ نقْصُهُ في التَّكَلُّمِ

لسانُ الفَتَى نِصْفٌ ونِصْفٌ فُؤادُه               فلم يَبْقَ إلاَّ صُورَةَ اللحمِ والدَّمِ

وإنَّ سَفاهَ الشيْخِ لا حِلْمَ بعده          وإنَّ الفتى ، بعد السفاهَةِ يَحْلُمِ

سأَلْنَا فَأَعْطَيْتُمْ وعُدْنَا فَعُدْتُمْ            ومَنْ أَكْثَرَ التَّسآلَ يوْمًا سيُحْرَمِ

 

(مجاني الأدب، ج1، ص88-89).

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.