الموت عند أبطال المحبّة – فتح الله كولن
الجلسة العاشرة : 20/03/2013م الموافق ليوم 8 جمادى الأولى 1434هـ
أيّها السادة الأعزّاء، أحبّاء الثقافة والمعرفة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد مرّت علينا أيام هذا الشهر بنكبتين كبيرتين، رُزئنا في الأسبوع الثاني منه بموت أخينا وصديقنا والعامل في حقل المعرفة والتعليم، وخاصّة تعليم القرآن الكريم في المدرسة الجابرية، فقد كان رحمه الله ركيزة من ركائز التعليم فيها للفقه والقرآن الكريم،
هو المغفور له بحول الله شريفي الحاج محمّد بن الحاج حمو، تغمّده الله برحمته وفتح علينا بخلف عنه عن عمر يناهز 70 سنة.
والمصيبة الثانية كانت في الأسبوع الثالث، لقد كانت أعظم وأشدّ على المجتمع عامّة وعلى المشرفين على التعليم والتوجيه من هيئة العزّابة المباركة، وهو شيخنا وقدوتنا ومرجعيتنا في الفقه والميدان الاجتماعي،
هو المغفور له بحول الله الشيخ نوح مَفْنونْ محمّد بن بَنوح، بعد عمر طويل كان كلّه نشاط وعمل للصالح العامّ، جزاه الله عنّا خيرا، عن عمر يناهز القرن.
أيّها السادة، أيّها الإخوة، لقد خيّم عليّ الحزن كثيرًا وأخذ بنشاطي وزادني ضعفا على ضعف، وكان عليّ ضِغْثًا على إبالة -كما تقول العرب-.
وصدفة وجدتُ بحول الله وعنايته متنفّسا وانشراحا من مقال في جريدة البصائر، العدد 632، بتاريخ: 30/12/2012م، فشكيتُ نفسي به.
صاحبُه يجعل الموت مدخلاً كريمًا خليق بنا إلاّ نحزن ولا نتشاءمُ منه.
المقال للمفكّر التركي الأستاذ فتح الله كولن، وإليكم مقتطفات من هذا المقال القيّم بعنوان:
الموت عند أبطال المحبّة.
إذا وعينا الوجه الحقيقي للموت فخليق بنا حتّى من الناحية الماديّة والجسمية ألاّ نبكي ولا نحزن، لأنّ الموت تحرير لنا من سجن ضيّق، ولا يُعدّ تمزيقا لهذا القفص الجسدي.
بل هو تحرير لنا إلى جنّات واسعة وبساتين خضراء شاسعة.
نفرح بالموت لأنّه هو الجسر الوحيد إلى هذا العالم السحري، الذي يدير العقول ويطلّ علينا بوجه ضحوك في عالم الملكوت.
هذا الموت الذي يأتي بأمره تعالى وبإذنه.
وأصحابُ القلوب المملوءة بالإيمان والمدركة لحقيقة الموت، وأبطال المحبّة يُقبلون على الموت بكلّ وَجْدٍ وعشق، لكي يحقّقوا الوصال مع الحبيب الأزليّ الذي بيده كلّ خير ورحمة.
يجعل روح المؤمن ينتقل مثل وردة من يد إلى يد، ويُشمّ في كلّ مكان يَحُلُّ فيه كالمسك والعنبر.
يهب الله له مُلكا وسلطنة تدير الرؤوس، وتخطف الأبصار، يُسمعه قصائد وأنغام الرضى عنه، ويُذيقه ألوانا لا تُحصى ولا تُعدّ من اللذّة والجمال، وكيف لا وقد قال تعالى في سورة التوبة، الآية 72: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُومِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ).
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.