النظُم والقوانين العُرفية بوادي مزاب في الفترة الحديثة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما.
سادتي الأفاضل، إخواني الأعزّاء، الحضور الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نزولا عند رغبة أستاذنا الشيخ الحاج إبراهيم طلاّي –بارك الله في عمره ومتّعنا بحياته-، يشرّفني أنْ أقوم بتنشيط جلسنا هذه، بإطلالة على كتاب جديد صدر في الأسابيع الأخيرة من السنة الماضية 2018، بعنوان: النظُم والقوانين العُرفية بوادي مزاب في الفترة الحديثة، أي الفترة الممتدّة من القرن 15م إلى القرن 19م، وهي الفترة التي تتزامن والوجود العثماني بالجزائر أو قبلها بقليل.
وقبل أن نُعرّف بالكتاب، يحسن أن نُذكّر السادة الأفاضل بأنّ المجتمع المزابي عبر تاريخه الطويل كانت تحكمه قوانين وضوابط تنظّم المجتمع في مختلف مناحي الحياة، وتنبثق عن ثلاثة مجالس عليا لقصور مزاب، في صورة لوائح يُطلق عليها “الاتّفاقيات”، باعتبارها تصدر عن هيئتين أساسيتين: هيئة العزّابة وهيئة العوامّ أو الجماعة.
وهذه المجالس هي: مجلس باعبد الرحمن الكرتي (من علماء بني مصعب في القرن 6هـ/ 12م)، ومجلس الشيخ عمّي سعيد بن عليّ، الجربي الأصل المزابي الموطن والقرار (المتوفّى: 927هـ/ 1521م)، ومجلس أبي مهدي عيسى بن إسماعيل المليكي (المتوفّى: 971هـ/ 1564م).
ومن أهمّ الدراسات التي تناولت هذه الاتّفاقيات وقامت بنشر مجموعة معتبرة من نصوصها، دراسة منشورة في مجلّة الدراسات الإسلامية من عام 1930 لصاحبيها: (MILLO et GIAGUOBETTI)، بعنوان:Recueille de délibérations des djemâs du M’Zab.
وبعدها دراسة نُشرت في حوليات معهد الدراسات الشرقية لسنة 1951، لصاحبها: (BOUSQUET)، بعنوان: Traduction de recueille de délibérations à la mosquée de Béni-Isguen.
وفي حوالي 1987م يَنشر مجموعةً من تلك الاتّفاقيات عيسى باعْمارة، ويطبعها بعنوان: اتّفاقيات المجالس العامّة لميزاب، وصدرت عن دار الشهاب بباتنة دون تاريخ.
أمّا عن كِتاب جلستنا، فمادّته -في الأصل- أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة قسنطينة، للباحث الشابّ الدكتور بالحاج بن باحْمد ناصر، المحاضر بجامعة باتنة.
يتألّف الكتاب من: مقدّمة، وسبعة فصول: أوّل للتنظيم الاجتماعي والسياسي، ثانٍ في نُظم مزاب ومواجهة الاضطرابات، ثالث لشبكة النظم والعلاقات الخارجية، رابع للزواج والمصاهرة، خامس للنظام القضائي، سادس للإنتاج وخزينة المدينة، السابع في المبادلات التجارية؛ وتوّجت في الأخير بخاتمة تضمّنت أهمّ ما تمخّضت عنه الدراسة.
ولا بأس بإيراد أهمّ إشكاليات البحث التي دارت حولها فصول البحث، وهي:
- ما طبيعة المؤسّسة التي تُصدر القوانين بوادي مزاب؟ ممّن تتكوّن؟ وهل طرأ عليها تغيّرات عبر الزمن؟
- ما هو مصدر التشريع بالنسبة لتلك النظم؟ ومن أين تستمدّ شرعيّتها؟
- ما دور هذه القوانين العرفية في تحقيق الاستقرار، وإخضاع مختلف أطياف المجتمع لقانون واحد؟
والحق، أنّها دراسة هامّة، لا يمكن لجلسة واحدة الإلمام بجميع تفاصيلها، والغوص في خباياها؛ لذلك نترك للمستمع والقارئ فرصة قراءة فصول الكتاب، وتتبّع ما جاء فيها، فهو جدير بذلك.
وفيما يلي بعض آراء وأسئلة الحاضرين في الجلسة:
- هل تطرّق الباحث إلى نظم السوق والعملة ؟
- ما المقصود بالإنتاج وخزينة المدينة ؟
- هل يُعدّ العرف الأمازيغي -فضلا عن التشريع الإسلامي- من مصادر التشريع داخل تلك الاتّفاقيات؟
- إلى أيّ مدى بلغ الحكم العثماني في صحراء الجزائر؟ وكيف كانت العلاقة بين مزاب وإيالة الجزائر؟
- لو تكرّمتم باستعراض بعض نصوص تلك الاتّفاقيات لنقف على محتواها وطبيعتها.
ما هو أقدم تلك الاتّفاقيات ؟
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.