لو كنّا رجالا وكنتم نساء
جلسة يوم 18/05/2011م الموافق ليوم 15 جمادى الثانية 1432هـ
السادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سيكون حديثي هذه الأمسية عن المرأة تَبَعًا للحديث في الأمسية السابقة.
والذي جرّني إلى هذا الحديث، أي عن المرأة، وقد قيل عنها الكثير ولن يزال وسيستمرّ، خبر أوردته وكالات الأنباء في يوم الاثنين 15 ماي، وربّما قبل هذا التاريخ.
مفاده أنّ وكيل أو مدير صندوق النقد الدولي قد حُجز عن حضور ندوة هامّة في شؤون النقد بأوروبا، وأودع السجن للتحقيق، وعَرَض ضمانا نقديا هامًّا ليسمح له بحضور الندوة، ولكن القاضية أبتْ من ذلك وردّت الضمان.
فقلتُ لمحدّثي: هذا شيء غريب ومدهش ؟ وما هي التهمة الموجَّهة إليه حتّى يُقابَل بهذا؟
فقال لي: إنّها تهمة أخلاقية، ما يُعبَّر عنه بالتحرّش الجنسي.
فقلتُ له: أليسوا كلّهم يسيرون على هذا النهج إلاّ من رحم ربّك ؟
فقال لي: إنّه العدالة؛ لقد تعدّى على حرمة المرأة، قلتُ: ولو بالكلام أو اللمسة ؟
قال: نعم. إنّ المرأة في نظرهم مظلومة من طرف مَن يتعرّض لها.
فقلتُ له: بل الظالم الكبير والمتغطرس هي المرأة أو النساء كافّة ممّن يسلكن سلوك النساء المتبرّجات، لأنّ المرأة التي تلبس ما يشبه العري، كما قال عنهنّ نبيّ الرحمة عليه السلام: «كاسيات عاريات»، وتُخفي كلَّ عيب فيها، وتُظهر كلّ زينة وإغراء لديها هي الظالمة، وهي التي تتحدّى الرجال وتُشهر عليهم الحروب النفسيّة والعاطفية وغيرها.
ثمّ هي ظالمة من جهة ثانية عندما تخلّت عن وظيفة الحياة التي حدّدها لها خالق الحياة، ووهب لها ما به تستمرّ الحياة ونظام الحياة؛ فقد قال تعالى: }وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الاَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا{. وهذه -صراحة- تفسد في الأرض بعد إصلاحها.
فقال لي محدّثي: هذا رأيهم في الموضوع.
نعود إلى الموضوع.
القصّة التي سأذكرها لكم تجسّم مكانة المرأة وقيمتها في المجتمع عندما تَفهم رسالتها في هذا الكون.
القصّة بعنوان: لو كنّا رجالا وكنتم نساء، من كتاب: التعريف بالأدب العربي، ص161:
« طسم وجديس قبيلتان من العرب البائدة، أي عرب الجاهلية الذين انقرضوا. وتروي العرب البائدة هؤلاء، أساطير كثيرة، منها أنّ قبيلتيْ طسم وجديس كانتا تنزلان إقليم اليمامة من شبه الجزيرة العربية، والسيادة فيها لطسم؛ فقام ملكٌ طسمي غاشم اسمه عمليق، اشترط على بني جديس أن لا تتزوّج منهم فتاة إلاّ حُملت إليه قبل أن تُحمل إلى زوجها، فأنِفَت هذا العار عذراء جديسية اسمها الشموس، فلمّا حُملت إلى الملك عمليق أخْفتْ في ثيابها خنجرا طعنته به فقتلته، ثمّ أنشدت هذه الأبيات تحرّض بها قومها على ظالميهم:
أَيَجْـمُـلُ ما يُؤتَى إلى فَتيـاتِكم | وأنتم رجالٌ فيكُمُ عَدَدُ الرَّمْـلِ | |
فإنْ أَنْـتُم لم تَغْـضَـبوا بعدَ هذه | فكونوا رجالاً لا تَغِبُّ من الكُحْلِ | |
ودونَكم ثوبَ العـروسِ فإنّمـا | خُلقـتم لأثوابِ العروسِ وللغُسْلِ | |
فلـوْ أنّنا كنّا رجالاً وكـنتـم | نساءً ، لكُنّـا لا نُقِرُّ بذا الـذلِّ | |
فَموتوا كِرامًا أو أَميتوا عدُوَّكـم | وكونوا كنارٍ شُبَّ بالحطَبِ الجَزْلِ | |
وإلاّ فخـلُّوا ظهْـرَها وتحمَّلـوا | إلى بَلَدٍ قَفْـرٍ، وهَزْلٍ من الهـزْلِ | |
فلا الموْتُ خيرٌ من مُقامٍ على أذىً | ولاَ الهزْلُ خيرٌ من مُقامٍ على ثُكْلِ ». |
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.