قابلية الإنسان للتعلُّم وقبول الهداية
من فضل الله تعالى وإكرامه لبني آدم أن أنشأ لهم السمع والأبصار والأفئدة وبهذه القوى في الإنسان يتعلَّم ويختار ويباشر شؤونه وشؤون ما مكِّن منه في هذه الحياة.
لا سيما وقد وضع الله زمام هذا الوجود في يد الإنسان ووكَّل إليه إبراز مشيئة الخالق جلَّ وعلا في الإبداع والتكوين والتحويل والتركيب، إذ جعله خليفة في الأرض: {وإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَرْضِ خَلِيفَةً}.
وفرق شاسع بين ما أودع في الإنسان من قوى قابلة للتعلُّم والتهذيب والتدقيق، إن سلبا أو إيجابا خيرا أو شرًّا، وبين ما فطرت عليه بقية المخلوقات العجماوات في هذه الأرض وما جبلت عليه من الأعمال والتصرُّفات التي لا تتجاوز غريزتها وطبيعتها التي أودعت فيها.
فهو بحقٍّ الرُّبُّ الأكرم الذي علَّم بالقلم علَّم الإنسان ما لم يعلم، فالله تعالى قد كرَّم ابن آدم كرامة لا يحيط بكنهها التصوُّر البشري، ولا يصل إلى تقديرها فكره وقواه ولو قضى عمره شاكرا راكعا ساجدا.
قال الشهيد السيد قطب في تفسيره لهذه الآية الكريمة: «فمن كرم الله رفعُ هذا العلق [البويضة المنوية] إلى درجة الإنسان الذي يعلَّم فيتعلَّم، ويتعلَّم بالقلم، لأنَّ القلم كان ولا يزال أوسع وأعمق أداوت التعليم أثرا في حياة الإنسان».
وأخيرا، لا يبقى للإنسان مهما يكن بعد أن حظِيَ من طرف الخالق بهذه الموهبة «قابلية التعلُّم وتقبُّل الهداية»، لا يبقى له عذر مهما كانت وضعيته أن يقول: هذه هي طبيعتي، أو هكذا خلقت، ونشأت، أو هذا ما تقتضيع بيئتي. فيلقي الحبل على الغارب.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذِي خَلَقَ خَلَقَ الاِنسَانِ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاَكْرَمُ الذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الاِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.
إبراهيم محمد طلاي
Categories: المقالات و دروس الوعظ
Sorry, comments are closed for this item.