ليلة القدر
جلسة يوم 16/09/2009م الموافق لليلة 27 رمضان 1430هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيّها الإخوة الحضور، أيّها السادة عشّاق الثقافة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بمناسبة ليلة 27 رمضان المعظّم ولم يبق بيننا وبين هذه الليلة إلاّ ساعة أو ساعتان، وهي ليلة عظيمة ورد في فضلها الكثير، حتّى أنّ الكثير من الفقهاء من يراها هي ليلة القدر التي قال الله في حقّها: )لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنَ اَلْفِ شَهْرٍ(.
قلت: بمناسبة إقبالنا على هذه الليلة أذْكُرُكم حادثة وقعت لأحد العباّد، حادثة تَجَلٍّ لما في غيب الله تعالى من أنواع الكرامات لعباده الصالحين، جعلنا الله منهم.
وهذا العابد الزاهد هو أبو العبّاس أحمد الوليلي نسبة إلى قبيلة وليلة، من بلدة تين يسلمان ببلاد وادي ريغ جنوب شرق الجزائر. ويُعدّ من عبّاد أواخر القرن الخامس الهجري، القرن الحادي عشر الميلادي.
يقول معجم أعلام الإباضية في الجزء 2، الصفحة 77، الترجمة: 65:
«وتروي كتبُ السير أنّه طلع في شهر من شهور رمضان إلى جبال بني مصعب، ولازم ربوة يتعبّد فيها إلى أن أدركته ليلة السابع والعشرين، فحدثت له كرامة»، وبُشِّر فيها بالجنّة. ولا تزال تُذكر هذه الكرامة، ونقلتها عدّة كتب.
وممّن ذكر تلك الكرامة بتفاصيلها كتاب “طبقات المشايخ بالمغرب” لأبي العبّاس أحمد بن سعيد الدرجيني، الجزء 2، الصفحة: 270-271، وإليكموها نقلا من الكتاب:
«ومنهم أبو العبّاس الوليلي ممّن رُزق على العبادة والطاعة طاقة، وأُيّد بالرضا والصبر على العدم والفاقة، وكان ذا كرامات يتناقلها الراوون، وبركات لم ير مثلها الراءون، وكان له حسن اعتقاد واقتصاد.
ذكروا أنّ أبا العبّاس أحمد الوليلي طلع سنة من السنين إلى جبل بني مصعب (منطقة مزاب) في أيام الربيع، فصادفه هنالك شهر رمضان فلازم ربوة (تُعرف إلى الآن بجبل أبي العبّاس) يتعبّد فيها عاكفا على القيام والصيام، فلمّا كان في الليلة السابعة والعشرين من رمضان وكانت ليلة جمعة أقبل على ركوعه وسجوده.
فبينما هو كذلك إذ رأى كلّ شيء معه ساجدا، فلمّا سلّم رأى نورا ساطعا وأبواب السماء مفتّحة، وإذا بحورتين قد نزلتا من السماء، فقصدتا نحوه وقد التحفتا في لحاف واحد، إحداهما كبيرة والأخرى دونها صغيرة، لم ير مثل صورتهما ولا مثل نورهما الذي أضاء البرّ، فقعدتا أمامه والصغيرة خلف الكبيرة، فخاطبتاه وجرى بينهم كلام، حتّى أعلمتاه أنّهما زوجتاه في الجنّة، فحاول الدنوّ منهما، فقالت له الكبرى: إليك عنّا، إليك عنّا، فإنّ فيك نَتَنُ الدنيا، ولكن الميعاد بيننا وبينك في العام القابل ليلة الجمعة، رملة الطبل من “تينيسلمان”، وهو منزل أبي العبّاس، قال: فصعدتا، فأتبعتهما ببصري حتّى غابتا في السماء، وغلقت الأبواب دونهما.
فسار أبو العبّاس بإثر ذلك إلى وارجلان فأخبر الشيوخ بما عاين، فلمّا دنا الوقتُ جاء إلى أريغ فمرّ بالشيخ أبي العبّاس بن محمّد بتينيسلي فرغب إليه هو والعزّابة في المبيت فأبى، وجاء إلى أبي العبّاس أحمد وأخبره أنّ الميعاد بينه وبين الحور العين ليلة الجمعة المقبلة، فقال لهم أبو العبّاس: دعوه فإنّ الدولة عنده الليلة المقبلة.
فتوجّه إلى الرملة فإذا الحورتان كاسفتا اللون كأنّ بهما كآبة، وكان أبو العبّاس إذا وصفهما يقول: كأنّ العين منهما كالقدح، والأشفار كجناح النسر، وأرنبتيهما كناحية قصر بني يخلف، فسألهما عن تغيّرهما فقالت: لبوحك بسرّنا، ولأنّ أولياء الله يقتلون على أمرهم بالحقّ، وذلك حين قُتل عبد الحميد الوليلي، واستُخفّ بأهل دين الله، وماكسن بن الخير يُرجم بالحجارة لأمره بالقسط، قيل: وقد ذكرت له الأبدال حينئذ…
ثمّ قالت له: ليلة الإثنين تبيت عندنا، وصعدتا إلى السماء، فلمّا صلّى صلاة الظهر يوم الأحد بعد أن ودّع أهله وقضى جميع ما أراد قضاءه موقنا بما لا بدّ له منه، فقال لهم: أحسستُ صداع، فما هو إلاّ أن صلّى العصر فمات رحمه الله».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.