طوق الحمامة – ابن حزم الأندلسي
الجلسة الثانية والثلاثون : 25/12/2013م الموافق ليوم 22 صفر 1435هـ
أيّها السادة الحضور، أيّها الأحبّة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إطلالتنا هذه الأمسية ستكون بحول الله على مقال، بل دراسة لكتاب “طوق الحمامة”، لابن حزم الأندلسي.
ولا تتعجّبوا من اختياري لهذا الموضوع، موضوع الحبّ والجمال والزينة.
ولِمَ لا ؟ ونحن في أيام الأعراس والزينة والحبّ، والاحتفال بحصانة أبنائنا، واستكمال دينهم ودخولهم إلى منطقة الرجولة؛ أرجو لهم أن يكونوا رجالا صالحين وأمّهات صالحات حقّا.
إخواني، أيّها السادة، شُهر ابن حزم، هذا العالم الكبير والفيلسوف الأفلاطوني، بكتاب “طوق الحمامة”، وله كتب أخرى في موضوع المحبّة وعشق الجمال، ككتابه الألفة والإلاّف وغيرها.
واسمه الكامل هو: عليّ بن أحمد، ويُكنّى بأبي محمّد، والمشهور بابن حزم الظاهري، المولود بقرطبة سنة 384هـ/ 994م، والمتوفّى سنة 456هـ/ 1064م.
أمّا إطلالتنا فمقتبسة من دراسة للدكتور سعد عبد السلام بمعهد الفلسفة في جامعة الجزائر. نُشر هذا البحث في “مجلّة الواحات” للبحوث والدراسات بجامعة غرداية، “جامعة الشيخ اطفيش” رحمه الله، العدد الثامن عشر، جوان 2013م، الصفحات: 160-171.
يقول صاحب الدراسة المنشورة في المجلّة:
«قد اشتهرت الأندلس بطبيعتها الفاتنة الخلاّبة، ولأجل ذلك أطلق عليها اسم “الفردوس المفقود”.
…إنّ من يقرأ كتابه “طوق الحمامة” يجد أنّ الحبّ قد شغل ابن حزم في حياته كلّها، كما شغله الفقه، والحديث، والتفسير، والكلام».
يقول: «ويتأكّد أنّ الحبّ لم يشغل ابن حزم وحده، إنّما يبدو أنّه كان يشغل الناس جميعا في إسبانيا المسلمة آنذاك».
«ولا عجب في ذلك؛ فالإسلام قد اهتمّ بالحبّ وتكلّم فيه، بل إنّ ذِكْر الحبّ في القرآن ورد 93 مرّة، لتوضيح أشكاله وأبعاده…سواء كان ذلك في محبّة الله عبادَه، أو محبّة العباد لله تعالى، أو محبّة الناس لبعضهم البعض.
ومن ذلك قول الله تعالى: }فَسَوْفَ يَاتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ{.».
«والواقع أنّ الحبّ عنده عمل تربوي أخلاقي، وليس أمرًا هُزْلاً قبيحا.
إنّ الحبّ -أعزّك الله- أوّلُهُ هزل وآخره جدٌّ، دقّت معانيه بجلالتها…وليس بِمُنْكَرٍ في الديانة، وليس بمحذور في الشريعة».
إلاّ أنّ الحبّ أنواع وأشكال مختلفة باختلاف الأغراض والأطماع، وبذلك تتعدّد وجوه المحبّة، مثل: المحبّة لله عز وجل وفيه؛ ومحبّة الرجل لأبنائه، وقرابته وأصدقائه وامرأته؛ ومحبّة الألفة والبِرّ والتصاحب.
ويمكننا أن نشير إلى أنّ ابن حزم ممّن يؤمن بالمطاولة في الحبّ، أي لا يقع دفعة واحدة، ومن أوّل وهلة.
ويقول: إنّه ليطيل العجب من كلّ من يدّعي أنّه يحبّ من نظرة واحدة ولا أكاد أصدّقه.
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.