موقع الشيخ طلاي

Menu

تحمل المشقة في سبيل العلم – الشيخ محمد الصالح الصديق

الجلسة العشرون: 21/05/2014م الموافق ليوم: 22 رجب 1435هـ

أيّها السادة، أيّها الأساتذة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى.

لقد اجتمع لديّ عدّة مواضيع واحْترتُ فيما أقدّم لكم.

من جملة ما تجمّع لديَّ كتاب أدبيٌّ للأستاذ الكريم الملازم لندوتنا، مشكورا، دوّاق سليمان المحترم؛

وَرَدٌّ رصين تاريخي وضع فيه الشيخ الفاضل صدقي الحاج محمّد بن أيوب النقاط على الحروف، كما يقولون، على شخص متطاول على الإمامة والمنبر والمسجد، خاض به في هذه الفتنة الهوجاء والعمياء، وهو إمام لم يحترم وظيفته ولا المسجد الذي أمر الله أن تكون مدعاة لجمع الكلمة، ولا المنبر الذي يعلوه؛

ومجلّة البصائر الغرّاء فيها مواضيع مهمّة فكرّتُ أن أجعل بعضا منها إطلالة لندوتنا هذه.

وأَخْتارُ ممّا تقدّم كلمة للشيخ الفاضل من جريدة البصائر في العمود الخاصّ به الذي يتحفنا به بعنوان: ما قلّ ودلّ؛ أعني الشيخ محمّد الصالح الصدّيق المحترم.

يقول:

« تحمّل المشقّة في سبيل العلم.

زارني طالب جامعيّ في بيتي، وأخذ يحدّثني عن متاعبه في طلب العلم. وممّا ذكر أنّه كان يمشي إلى الثانوية ميلين كلّ يوم. وظنّ أنّ هذا منه تضحية كبيرة في سبيل العلم؛ فقلتُ له: إنّ هذا ليس بشيء عند طلاّب العلم والمعرفة في الماضي، فذكرتُ له هذه الصور التي تعكس هِمّة طائفة من أهل المعرفة.

قال أبو الفضل بن نبهان الأديب: رأيتُ الجاحظ أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم على رجليه، لأنّ السراج كانت عالية.

وقد يكون هذا الإمام يكتب كتابا ضخما في مجلّدات، ولكن هِمّته الكبيرة العالية تهوِّن عليه كلّ صعب عسير، لسان حاله ينشد:

فكن رجلا رجله في الثرى     وهـامةُ هِمّـته في الثريا

وهذا العالِم الجليل أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، لو قُسمت الأوراق التي كتبها على عمره منذ أن خُلق، لأصبح مقدار ما يكتبه كلّ يوم ستّين ورقة أو أكثر. أليس هذا عجيبا ؟

ولقد أشار على تلاميذه أن يكتبوا تاريخ الإسلام أو تفسير القرآن؛ فأمر بإحضار ثلاثين ألف ورقة؛ فقالوا: هذه مدّة تنقطع دونها رقاب المَطِيِّ. فقال لهم معاتبا: “الله أكبر” ماتت الهِمم، أَحْضِروا ثلاثة آلاف ورقة.

وهذا الذي أمامك لم يتخلّف عن صلاة الفجر بجامع الزيتونة يوما طوال خمسة أعوام، ولم يتأخّر عن محاضرة الفاضل ابن عاشور التي يلقيها مساء يوم الثلاثاء بالخلدونية طوال هذه المدّة.

وما إن ذكرتُ للطالب هؤلاء الأعلام بهذه النفوس الكبيرة وهذه الهِمم العالية حتّى خجل وقال: أين نحن من هؤلاء، لقد صغرت هِمَمُنا حتّى أصبحنا نرى الوادي بحرا، والجدول واديا.».

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.