موقع الشيخ طلاي

Menu

الشيخ أبو محمّد عبد الله بن يحي بن عيسى العبّاسي – طبقات المشايخ (2)

الجلسة الخامسة: 05/02/2014م الموافق ليوم 5 ربيع الثاني 1435هـ

أيّها السادة الحضور، أيّها الأصدقاء، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إطلالتنا هذه ستكون من نفس الكتاب، كتاب طبقات المشايخ بالمغرب.

نواصل حديثنا عن الشيخ الفاضل أبو محمّد عبد الله بن يحي العبّاسي من الطبقة 500-550هـ.

وقد قلنا عنه أنّه رحمه الله ممّن أُعطي رزقا واسعا وصدرًا منشرحًا لفعل الخير والإحسان. وقد ذكرتُ لكم أنّه عندما زاره المشايخ كان معهم فتى ذكّيا من وارجلان، لَمَحَ فيه الشيخُ النجابةَ وحُسْنَ التلقّي، عندما أخبره بمواصلة العزّابة مسيرتهم عرض عليه أن يقيم عنده ليحفظ القرآن. وحفظ القرآن هي القاعدة الأساسية لتلقّي العلوم الإسلامية على مختلف أنواعها. فاستجاب لذلك وبقي عنده فترة معزّزا مكرَّما، وكأنّه ابن من أبنائه.

وإليكم القصّة في الجزء الثاني من الكتاب المذكور، صحيفة 331.

«[ يعرض عليه الإقامة والنفقة ليحفِّظه القرآن ]

ثمّ قال لي: هل لك يا عبد الرحمن في رأي هو خير لك من السفر؟ قلتُ: وما هو؟ قال: أنْ تُقيم هنا وتنتفع بتحصيل القرآن، وفوائد، ولا تَعْدِم ما تتزوّد به من المال، قال: فقبلتُ نصحه، وأقمتُ عنده، وكان قويّ الحفظ لكتاب الله العزيز. فكنتُ عنده في أرغد عيش، وفي اجتهاد وعكوف على دراسة القرآن.

قال: وأقبل فصل الربيع وخرجَتْ أغنامهم إلى المنزل الموالي للبرية طلبا للمرعى، ولينتفعوا بألبانها. وخرج بعض العيالات، وكان الشيخُ مقيما فيمن أقام إلاّ أنّه لإبراره بي قال: يا بنيّ إنّي لا أكره أن يفوتك اللبن وهو في هذا الفصل غُنم، والاغتذاءُ به نَعَمٌ، وأرى لك أن تخرج مع العيال إلى المنزل البراني، وتُخرج معك مصحفا ولوحك، فإذا حفظتَ محوْتَ كلتيْ صفحتيْه ثمّ كتبتهما من المصحف، ثمّ جئتني فتعرضهما عليَّ، ثمّ تخرج فتكون هناك حتّى تحفظ ما تحصّل في اللوح، ثمّ تفعل ما فعلتَ؛ فلا يزال ذلك دأْبُك مدَّة الربيع.

قال: ففعلتُ وأمر مَن تكفَّل بمعيشتي أن يُخرج تمرا طيّبا برسمي، وأمر المتكفّل بعيشي أن يجعل وطبًا مملوءًا برسمي، لا يتناوله غيري، فكنتُ على ذلك حينًا حتّى نلتُ ما منّاني به من حفظ القرآن والسيَر والفوائد، وإفادة المال.».

وهذا الشيخ ليس بِدْعا من جملة مشايخ السلف رحمهم الله ممّن يريد أن يتّخذ وسيلة إلى الله تعالى استجابة لقوله تعالى: ) يآ أَيـُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ(. وإلى الآن ما زال أمثال هؤلاء تقبّل الله منهم.

وقد ذكر لنا الأستاذ المنير بن سعدون في الجلسة السادسة والعشرين من جلسات الندوة في السنة الماضية المؤرّخة في 25/09/2013م الموافق ليوم 19 ذي القعدة 1434هـ، ذَكَرَ أسماء مشايخ في داخلية عُمان أنّهم يفتحون ديارهم ومساكنهم لمن يريد من الطلبة في العطلة الصيفية أن يتفرّغ لحفظ القرآن الكريم أو تلقّيه. وذكر من هؤلاء الشيوخ: محمود الصوّافي، وأفلح بن الشيخ أحمد الخليلي، وإسماعيل العوفي، وعبد الله الكندي.

ولا ننسى عمَّنا مربّي الجيل المرحوم عمّنا ببانو الحاج محمّد بن يوسف عندما خرج أو أُخرج من حلقة العزّابة ففتح داره للطلاّب، وانتقل مع عائلته إلى دويرة لصهره يسكن فيها. وكانت داره مدرسة لمدّة عامين أو ثلاثة أعوام، إلى أن رفع الله عنه المكروه والمتابعة.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.