كتاب الضياء – أبو المنذر سلمة بن مسلم العتبي -1
الجلسة الرابعة : 3 فيفري 2016م الموافق ليوم: 24 ربيع الثاني 1437هـ
أيّها السادة الأعزّاء، أيّها الحضور المحترم؛ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
لقد وعدتكم إخواني أبنائي المحترمين عندما تحدّثنا في الجلسة الماضية عن الموسوعة الثقافية، كتاب الضياء بمناسة الإهداء التكريمي الذي تفضّل به شيخ الشباب، ابننا الروحي الحاج أحمد كَرُّوم.
وقلتُ لكم عن هذا الكتاب الكبير بل الموسوعة الثقافية للشيخ العالِم: أبي المنذر سلمة بن مسلم العوتبي، من علماء القرن 5هـ/ 11م.
قلتُ لكم إنّ كتابه الضياء موسوعة هامّة عن غالب ما يسمّى بالثقافة الإسلاميّة، من فقه وأدب وتاريخ وتصوّف وحكمٍ وعِبَرٍ، إلى آخر القائمة.
ووعدتكم أن نعود إليه في ندواتنا هذه من حين لآخر بحول الله حسب الإمكان. واليوم نعود إلى الجزء الأوّل في العلم والعقل والتكليف الذي جعله مقدّمة لكتابه.
يقول رحمه الله في المقدّمة مع شيء من التصرّف.
«أمّا بعدُ: فهذا كتاب دعاني إلى تأليفه، وحَدَاني إلى تصنيفه دروس آثار المسلمين، وذهابُ المذهب ومُتحمِّليه، وقِلّة طالبيه ومُنْتحليه» إلى أنْ يقول في جملة ما حمله على تأليفه: «طالبًا للأجر لا للفخر، وللتعلّم لا للتقدُّم، وللدراسة لا للرياسة…لأُحيي به نفسًا، وأُفرغ إليه أنسًا، وأراجع فيه ما نُسيتُه؛ فالنسيان ذو عُنون، والحفظ خؤون. ولكلّ شيءِ آفة، وآفة الحفظ النسيان».
ثمّ يسمحُ لقلمه أنْ ينطلق إلى الحديث عن النسيان وأثره على العالِم، وإلى فضل الكتابة؛ فيقول:
« قال ابن عبّاس: إنّما سُمّي الإنسان إنسانا، لأنّه ينسى. قال: وسمّي آدم r إنسانا، لأنّه عَهِدَ إليه فنسي. وقال الشاعر:
وما سمّي الإنسان إلاّ لنسيه وما القلب إلاّ أنّه يتقلّب
وقال الطائي:
لا تنسينَّ تلك العهود فإنّما سُمّيتَ إنسانا لأنّك ناسِي
وقال اللغويون: إنّما سمّي القلبُ قلبًا لتقلّبه وكثرة تغيُّره؛ وأصله: من قلبتُ الشيء أقلّبه. وقد ذكرتُ هذا في كتاب الإبانة.
وقد روي عن النبيّ r من طريق أنس بن مالك أنّه قال: قيِّدوا العلم بالكتاب.
وروي أنّ رجلا شكا إليه r النسيان، فقال: استعملْ يدك. يعني اكتبْ حتّى ترجع إذا نسيتَ إلى ما كتبتَ.
وقال بعضٌ: ما كُتب قَرَّ، وما حُفظ فرَّ …
وقال بعض البلغاء: إنّ هذه الأذهان والآداب نوافر تندُّ[1] عن عقل الأذهان، فاجعلوا الكتب عنها حماة، والأقلام عنها رعاة.
وقال الخليل: اجعل ما في الكتب رأس المال، وما في قلبك للنفقة.
[1] تندُّ أي تنفر.
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.