غزو بنو جلاب لورجلان
جلسة يوم 15/06/2011م الموافق ليوم 13 رجب 1432هـ
إخواني السادة الأساتذة ومحبّي الثقافة، حيّاكم الله وبياكم، وأرشدكم إلى خير الدنيا والآخرة.
في الأسبوع الماضي ذكرت لكم أنّني أثناء تصفّحي للكتاب الذي أخرجه العلاّمة والمؤرّخ الكبير الدكتور أبو القاسم سعد الله بعنوان: حصاد الخريف، تاريخ الطباعة 2011م،
قلتُ لكم أثناء تصفّحي لهذا الكتاب وقد أهدي إليّ من طرف مؤسّسة “عالَم المعرفة” مشكورين،
قرأتُ موضوعا في الكتاب عن مدينة ” اقْمارْ ” العريقة والنجيبة بأبنائها النجباء، والدكتور من أبناء المدينة، وتحدّثَ فيما تحدّث عن هذه المدينة ما عانته من أحد المغامرين من رؤساء القبائل أو الملوك الذين يفرضون أنفسهم على الناس:
«في سنة 1180هـ هاجم بنو جلاّب (وهم حكّام بلدة تُقُّرْتْ) “سُوفْ ” ومنها “اقْمارْ “، وهو هجوم كانت وراءه جباية الضرائب، كما يحدث في التواريخ القديمة غالبا. وفي سنة 1201هـ آوى أهلُ اقْمار أحمد الجلاّبي مدّة سنين، ثمّ تحرّك منها إلى بلدة نفطة بتونس.وقد تعرّضت “اقْمارْ ” لهجمات أخرى من حكّام ” تُقُّرْتْ “، فنزل فرحات الجلاّبي في “اقْمارْ ” بمكان يسمّى: “ارْقوبة”، وجمر نخيلها انتقاما من أهلها، كما جمر نخيل بلدة “تاغروت”، ويقال إنّما جمره فرحات أكثر من ثلاثمائة نخلة، وإنّه قتل الكثير من أهل بلدة “اذْبيلة”. وفي سنة 1203هـ فرض بنو جلاّب على اقْمار غرامة ثقيلة.».
فتذكّرتُ ما فعله أحد هؤلاء المغامرين من ملوك بني جلاّب في ” تُقُّرْتْ ” بإخواننا في “وارجلانْ” سنة 1226هـ، الموافق لسنة: 1811م-1812م.
والملاحظ أنّ هؤلاء المغامرين سبق لهم أن هاجموا أهل “وارجلانْ” وأغاروا عليهم إبّان بسط نفوذهم على مجاوريهم أهل وادي “سُوفْ ” وغيرهم سنة .
وأهل “وارجلانْ” رأوا من الحكمة أن يستنجدوا بإخوانهم وجيرانهم أهل وادي مزاب، ليردّوا كيد هؤلاء الأفّاقون، ويلقّنوا لهم درسا لعلّهم يرعون، وقد سبق لهم أن ذاقوا منهم الأمرّين من قبل.
وقد سجّل أحد شعراء وادي مزاب أحداث هذه النجدة ومجرياتها وما بذله أهل الوادي من جهود جبّارة نصرة لدين الله تعالى، وتأييدا لإخوانهم المسلمين، وردّا للظلم والظلمة، وتسفيها لأطماع وأحلام المغامرين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وإليكم أبيات من هذه القصيدة.
…
وبعد فالمقصود من هذا النظام الحمد ثمّ الشكر دائمان
لله لا لغيره سبحانه من ناصر لمذهب الإيمان
لمّا سمعنا مستغيثا بالندا يا من يغيث أهل وارجلان
يقول يا لله يا للمسلمين لنصر دين ربّنا الرحمن
قلنا ألا لبّيك يا نعم الفتى فنحن بياض الوجه للإخوان
فقام أهل مصعب كلّهم لدفع أهل البغي والطغيان
قصدا لنصر الدين لا لغيره أكرم به من أفضل الأديان
…
فاضطربت غرداية بأهلها واجتمعوا للرأي والديوان
كذا أهل يسجن واجنينة تأهّبوا لنصرة السلطان
واجتمع القرّاء في مسجدنا وغيرهم في الحوش حلقتان
واتّفق الرأي على نشر اللوا مرتفعا في صومعة الآذان
لمّا رأى الناس اللواء مرتفعا وهو قطعة من الكتّان
يشاكل الصباح في بياضه وفيه آية من القرآن
مكتوبة وفيه أيضا رقعة من كسوة الكعبة باندمان
تأهّب الناس جميعا للخروج واقتسموا بينهما قسمان
فبعضهم خرج قصدا للجهاد وبعضهم أقام بالمكان
لشغله ثمّ لشغل غيره فخارج وقاعد سيان
بل كلّ من خرج من وطنه أولى من القاعد بالإحسان
فخرج القوم في سبع مايه أو نحوها بالجهر والإعلان
أتاهم العدوّ حين بلغوا البلد مسرعا ولم يوان
أعني ابن جلاّب أتى بجيشه لقتل عزّابة وارجلان
يظنّ إن مراده يبلغه فخاب ظنّ الفاسق الحيران
…
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.