رب ضارة نافعة
الجلسة الخامسة عشر: 16/04/2014م الموافق ليوم: 16 جمادى الأخيرة 1435هـ
أيّها السادة الأوفياء، أيّها الأحبّة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
فكّرت فيما سأعرضه لكم في هذه الأمسيات المباركة، وفي أمسيتنا تتجاذبنا كلمات وآراء وزخم عظيم ممّا يقال في هذا الشهر وما قبله،
وتعلمون منّي أنّني أتحاشى متاهات السياسة وأحاديثها الملتوية، ولا أحسن سلوكها، وأنا لستُ مستعدّا نفسانيا أن أعرض عليكم شيئا مفيدًا حسب العادة،
ومع هذا وذاك أقول لكم إخواني:
إنّ هذه الفتنة التي اكتوينا بنارها مدّة ثلاثة شهور وأزيد فيها فائدة عظيمة لنا إن أحسنّا التصرّف ووقفنا فيها موقف الحازم الحكيم.
أوّل ذلك: لقد كان الكثير من إخواننا وممّن تجمعنا وإياهم كلمة الإسلام يتجاهلوننا، أو لا يعرفوننا أصلا، وقليل منهم ينساقون بما كتبه عنّا كُتَّابٌ مرتزقة من أتباع الملوك والأمراء غير الموفَّقين، وما أكثرهم.
هذا، فعندما طلع علينا دعاة الفتنة بمقالاتهم وتصرّفاتهم التي تأباها الإنسانية بله الإسلام وروابط الأخوية كانوا يظنّون أنّهم يسيئون لنا ويحاولون أن يدمّرونا، فمكروا ومكر الله والله خير الماكرين.
لقد تحقّق القاصي والداني بهويتنا الناصعة وبمذهبنا النظيف وسلوكنا المتّزن الذي يجعل الأخوّة الإسلامية والمصلحة الوطنية فوق كلّ اعتبار وأولى من كلّ شيء؛ فلولا فتنتهم الهوجاء التي سلّطوها علينا لَما ظهرت مكانتنا وحكمتنا وتبصّرنا، وأنّنا المواطنون الشرفاء الذين لا ينساقون وراء الأنانية والأطماع الدنيئة.
والشاعر يقول: والعود في أرضه نوع من الحطب.
حرقونا فظهرت رائحتنا الطيّبة وقيمتنا من بقية الحطب والأعواد.
هذه الفائدة الأولى. والثانية: عرفنا حقّ المعرفة وظهرت ضمائر هؤلاء وشططهم، فقد كنّا نَعُدُّهُم من جملة المجاورين والرسول عليه السلام أوصى بالجوار، وكانوا يَعُدّون أنفسهم أنّهم أبطال الصحراء، وقلنا لهم إن كنتم حقًّا كذلك فالأبطال والرجال تعرف حقّ الأبطال وقيمة الرجال، فقالوا صراحة: لا، نحن فقط؛ فقلنا لهم: إذن لستم أبطالا كما تزعمون، بل أنتم أصحاب فتنة واستكبار في الأرض.
ونقول ما قاله موسى: )إِنِّي عُذْتُ بِرَبـِّي وَرَبـِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُومِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ{.
الثالثة: يجب علينا نحن أن نحاسب أنفسنا ولا نغترّ بما مكّننا الله، ومَنَّ به علينا مادّيا ومعنويا، وأمّا أصحاب الفتنة فلا نغترّ بهم، فغالبهم دائما عبر التاريخ يركبون كلّ موجة يرونها لصالحهم مهما كانت، وفي التاريخ عبرة لمن يريد أن يعتبر.
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.