تحفة الحب في أصل الطب -الجزء الثاني-
جلسة يوم 02/11/2011م الموافق ليوم 6 ذي القعدة 1432هـ
أيّها السادة الحضور ، محبّي الثقافة والمعرفة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
لا زالت إطلالتنا مع كتاب “تحفة الحبّ في أصل الطبّ”.
وتقدّم لنا في الحصّة الماضية إطلالة منه، وكانت تلك الإطلالة من نوع الخيال الوعظي إن صحّ هذا التعبير.
موعظة موضوع الرجوع إلى الله والدعاء والتضرّع إليه عند اشتداد الأزمات، في قصّة آدم عليه السلام عندما اعتلّ ولا يعلم شيئا عن التطبّب.
موعظة ثانية أنّ سليمان مع ما سخّر الله له من المخلوقات لم يستطع أن يتغلّب على عفريت إلاّ بحيلة إسكاره، والخمر أمّ الخبائث وباب السجون -كما تعلمون-.
أمّا هذه الليلة فتكون إطلالتنا في موضوع الشيب، ربّما تقولون لي: ماذا في الشيب حتّى يتعرّض له الشيخُ في كتابه؟
أقول لكم تعرّض للشيب من عدّة مواضع:
– من الجانب الشرعي، حرمة نتفه والتخلّص منه، ومن ناحية تغييره بالسواد أو بالكتم الحنّاء،
– ومن الجانب الأدبي وما قيل في حقّ الشيخ الذي يتصابى، وحتّى من جانب الطبّ التقليدي أو النفسي،
– ومن جانب محبّة الله تعالى واحترامه لمن شاب في الإسلام.
قال الشيخ رحمه الله:
« ولا يجوز نتف الشيب. وحفظتُ فيه من الأحاديث لا تَكرهوا الشيب فإنّه نور. وفي الخبر أنّ الله تعالى يقول: الشيب نور، وإنّي لأستحي أن أحرقة بناري. قيل يُكره نتفه وقيل يحرم، قال صلّى الله عليه وسلّم: لا تنتفوا الشيب فإنّه نور المسلم يوم القيامة، رواه أبو داود والترمذي.
وعن أنس عن النبيء صلّى الله عليه وسلّم يقول الله: وعزّتي وجلالي إِنّي لَأَستحي من عبدي وأَمَتي، يشيبان في الإسلام أن أعذّبهما، ثمّ بكى، فقيل له: ما يبكيك يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: أبكي ممّن يستحي اللهُ منه ولا يستحي من الله.
والشيب نذير وأعظم، وإذا كان الشيب كما ذكرتُ فلا يكرهه عاقل، وإنّما يكرهه مَن اشتدّت رغبته في الحياة الدنيا.
ولكثرة الرغبة فيها وفي زينتها كرهه الرجلُ من المرأة والمرأةُ من الرجل، كما قال الشاعر:
أرى شيب الرجال من الغواني بمبلغ شيـبهنّ من الرجـال
وقال ابن المعتزّ:
فظلتُ أطلبُ وصلها بتذلّل والشيب يغمرها: بأن لا تفعلي
وقال شاعر:
رأين الغواني الشيب لاح بعارضي فاعرضن عـنّي بالخدود النواضري
… وقال آخر:
قالت: أراك خضبت الشيب قلت لها سترته عنك يا سامعـي ويا بصـري
فقهقهت ثمّ قالت من تـعجّـبهـا تكـاثر الغـشّ حتّى صار في الشعـر
… وعنه صلّى الله عليه وسلّم: عليكم بالخضاب فإنّه أهيب لعدوّكم، وأعجب لنسائكم.
وعن أبي عامر الأنصاري: رأيتُ أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه يغيّر بالحنّاء والكتم. وقيل خضاب الحنّاء يصفّي البصر ويذهب بالصداع ويزيد في الباء.
وقال شاعر:
تُسَوِّدُ أعلاها وتأبى أحوالها وليس على ردّ الشباب سبيل
… وقال آخر:
يا خاضب الشيب الذي في كلّ ثالثة يعود
إنّ الخضاب إذا نضا فكان شيب جديد
فدع الشيب وما يريد فلن يعود كما تريد
والله أعلم».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.